للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يحدِّثْ نفسه بالغزو، مات على شعبة من النفاق" (١).

ولنا قول الله -تعالى-: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} (٢).

وهذا يدلّ على أنّ القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم، وقال الله -تعالى-:

{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} (٣).

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: "أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعثَ بَعْثاً إلى بني لحِيان من هذيل، فقال: لينبعِثْ مِن كل رجلين أحدهما، والأجرُ بينهما" (٤).

ولأنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يبعث السرايا، ويقيم هو وسائر أصحابه.

فأمّا الآية التي احتجّوا بها، فقد قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "نَسَخَها قوله -تعالى-: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} (٥).

ويُحتمل أنه أراد حين استنفَرَهم النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى غزوة تبوك، وكانت إجابتهم إلى ذلك واجبةً عليهم، ولذلك هجر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كعب بن مالك وأصحابه الذين خُلِّفوا، حتى تاب الله عليهم بعد ذلك، وكذلك يجب على من استنفَرَه الإمام؛


(١) تقدّم.
(٢) النساء: ٩٥.
(٣) التوبة: ١٢٢.
(٤) أخرجه مسلم: ١٨٩٦.
(٥) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>