للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنَ العَالِم لا يستحقُّ أن يُسمَّى ربّانياً حتى يعرِفَ الحقَّ، ويعملَ به، ويعلِّمَه، فمَن عَلِمَ وعَمِلَ وعلَّم؛ فذاك يُدعى عظيماً في ملكوتِ السماوات.

وأمَّا جهاد الشيطان فمرتبتان:

إحداهما: جهادُه على دَفْعِ ما يُلقي إلى العبد؛ مِن الشُّبُهات والشكوك القادحة في الإيمان.

الثانية: جهادهُ على دفع ما يُلقي إليه من الإرادات الفاسدة والشهوات.

فالجهادُ الأول يكون بعدَه اليقين، والثاني يكون بعدَه الصبر. قال -تعالى-: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (١)، فأخبَرَ أنَّ إمامة الدين، إنَّما تُنال بالصبر واليقين، فالصبر يَدْفَع الشهواتِ والإرادات الفاسدة، واليقين يدفع الشكوك والشبهات.

وأمَّا جهاد الكُفّار والمنافقين، فأربع مراتب: بالقلب، واللسان، والمال، والنفس، وجهاد الكفار أخصُّ باليد، وجهاد المنافقين أخصُّ باللسان.

وأمَّا جهادُ أرباب الظلم والبِدَعِ والمنكرات، فثلاث مراتب:

الأولى: باليدِ إذا قَدِرَ، فإنْ عَجَزَ، انتقل إلى اللسان، فإن عَجَزَ، جاهَد بقلبه، فهذه ثلاثةَ عشرَ مرتبةً مِن الجهاد، و"مَن مَاتَ ولَم يغْزُ، ولم يُحدِّث نفسه بالغزْوِ، مات على شعبةٍ من النفاق" (٢).

ولا يتمُّ الجهادُ إلاَّ بالهجرةِ، ولا الِهجرة والجهادُ إلاَّ بالإيمان، والرّاجُون


(١) السجدة: ٢٤.
(٢) أخرجه مسلم: ١٩١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>