للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فلقوا العدو، فاستشهد، فأُخبر بذلك النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأتاه فقعَد عند رأسه مستبشراً -أو قال: مسروراً- يضحك، ثمّ أعرض عنه. فقلنا: يا رسول الله! رأيناك مُستبشِراً تضحك، ثمّ أعرضْتَ عنه؟ فقال: أمّا ما رأيتم مِن استبشاري -أو قال من سروري-، فلِما رأيتُ مِن كرامة روحِهِ على الله -عزّ وجلّ-، وأمّا إعراضي عنه؛ فإنّ زوجته من الحور العين الآن عند رأسه" (١).

وعن مجاهد عن يزيد بن شجرة -وكان يزيد بن شجرة ممن يصدق قوله فعله-[قال:] خطبنا فقال: "يا أيها النّاس، اذكروا نعمة الله عليكم، ما أحسن نعمة الله عليكم، تُرى مِن بين أخضر وأحمر وأصفر، وفي الرحال (٢) ما فيها. وكان يقول: إذا صفَّ النّاس للصلاة، وصفَّوا للقتال، فُتِحتْ أبوابُ السماء وأبوابُ الجنةِ، وغُلّقت أبواب النار، وزيِّن الحور العين واطّلعن، فإذا أقبل الرجل قلن: اللهم انصره، وإذا أدبر احتَجَبْنَ منه، وقُلن: اللهم اغفر له، فانهكوا وجوه القوم فدىً لكم أبي وأمي، ولا تخزوا الحور العين؛ فإن أول قطرة تنضح من دمِه؛ يُكفّر عنه كل شيء عَمِلَه، وتنزل إليه زوجتان من الحور العين، يمسحان التراب عن وجهه، ويقولان: قد أنى (٣) لك، ويقول: قد أنى لكما، ثمّ يُكسى مائة حُلّةٍ، ليس من نسيج بني آدم، ولكن من نَبْتِ الجنةِ، لو وضعْنَ بين أصبعين لوسعن. وكان يقول: نبئتُ (٤) أن السيوف مفاتيح الجنّة" (٥).


(١) أخرجه البيهقي بإسنادٍ حسن، وحسنه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٣٨٢).
(٢) أي: الدور والمساكن والمنازل.
(٣) أي: قد آن.
(٤) قال شيخنا -رحمه الله-: كأنه يعني عن النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد جاء مرفوعاً من طُرُق، أحدها صحيح ... وقد خرّجتها في "الصحيحة" (٢٦٧٢).
(٥) أخرجه الطبراني وصححه شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>