للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢ - أن يكون من أهل الخِبرة في الأمور العسكرية وميادين القتال.

٣ - أن يُشهد له بالجرأة والشجاعة، عن أبي اسحاق قال: قال رجلٌ للبراء بن عازب -رضي الله عنهما-: "أفررتم عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومَ حُنين، قال: لكنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يفرّ، إنَّ هوازن كانوا قوماً رُماةً، وإنَّا لمَّا لقِيناهم حَمَلْنا عليهم فانهزموا، فأَقْبَل المسلمون على الغنائم، واستقبلونا بالسِّهام، فأما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فلم يفِرّ، فلقد رأيتُه، وإنّه لعلى بغلته البيضاء، وإنّ أبا سفيانَ (١) آخِذٌ بلجامها، والنبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أنا النبيُّ لا كَذِب أنا ابن عبد المطَّلِب" (٢).

قال ابن كثير -رحمه الله- (٣): "وهذا في غاية ما يكون مِن الشجاعة التامَّة، إنّه في مِثْل هذا اليوم في حَوْمة الوغى، وقد انكشَفَ عنه جيشه، هو مع ذلك على بغلة وليست سريعةَ الجري، ولا تصلُح لكرٍّ ولا لفرٍّ ولا لهَرَبٍ، وهو مع هذا أيضاً يُركِضها إلى وجوههم، ويُنَوِّه باسمه، ليعرفه مَن لم يعرفه -صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يومِ الدين- وما هذا كلُّه إلاَّ ثقةً بالله، وتوكُّلاً عليه، وعِلماً منه بأنه سينصره، ويتمُّ ما أرسَلَه به، ويُظهِرُ دينَه على سائر الأديان".

قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "لا يُعجبني أن يخرج مع الإمام أو القائد إذا ْعُرف بالهزيمة وتضييع المسلمين، وإنمّا يغزو مع مَن له شَفَقة وحيطةٌ على المسلمين" (٤).


(١) هو أبو سفيان بنُ الحارث بن عبد المطلب -رضي الله عنه- كما في البخاري (٢٨٧٤)، وفي رواية عند مسلم (١٧٧٦ - ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري: ٢٨٦٤، ومواضع أخرى، ومسلم: ١٧٧٦.
(٣) انظر تفسير "سورة التوبة" (آية: ٢٥).
(٤) "المغني" (١٣/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>