للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعثهُ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سريّة" (١).

وعن علي -رضي الله عنه- قال؛ " بَعث النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سريّة، وأمَّر عليهم رجلا من الأنصار، وأمَرَهم أن يطيعوه فغضب عليهم، وقال: أليس قد أمَرَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تطيعوني؟ قالوا: بلى، قال: قد عَزمْتُ عليكم لَمَا جمعْتم حطباً، وأوقدتم ناراً ثمّ دخلتم فيها، فجمَعوا حطبَاً فأوقدوا ناراً، فلمّا همُوا بالدخول؛ فقاموا ينظُر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تَبِعْنا النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فراراً مِن النار أفندخلها؟ فبينما هم كذلك، إذ خَمَدت النار، وسكَن غضبُه، فُذكِر للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف" (٢).

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "لقد أتاني اليوم رجل فسألني عن أمرٍ؛ ما دريت ما أردّ عليه، فقال: أرأيت رجلاً مؤدِياً (٣) نشيطاً، يَخرُج مع أمرائنا في المغازي، فيَعْزِم علينا في أشياء لا نُحصيها (٤)، فقلت له: والله ما أدري ما أقول لك، إلاّ أنّا كنّا مع النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فعسى أن لا يَعزِمَ علينا في أمرٍ إلاَّ مرّة حتى


(١) أخرجه البخاري: ٤٥٨٤، ومسلم: ١٨٣٤.
(٢) أخرجه البخاري؛ ٧١٤٥، ومسلم: ١٨٤٠، وقد تقدم، وانظر -إن شئت- رقم (٤٣٤٠) وما قاله الحافظ -رحمه الله- في شرح هذا الحديث.
(٣) مؤديِاً: أي كامل الأداء، أي أداة الحرب، وقال الكرماني -رحمه الله-: معناه قويّاً؛ وكأنّه فسره باللازم. "فتح الباري".
(٤) قال الحافظ -رحمه الله-: "لا نُحصيها: أي لا نطيقها، وقيل: لا ندري أهي طاعةٌ أم معصية، والأول مُطابِقٌ لما فَهِم البخاري فترجَم به، والثاني مُوافِقٌ لقول ابن مسعود "وإذا شك في نفسه شيء سأل رجلاً فشفاه منه"، أي مِن تقوى الله أن لا يُقدّم المرء على ما يشكّ فيه حتى يسأل مَن عنده عِلْم فيدلّه على ما فيه شفاؤه".

<<  <  ج: ص:  >  >>