للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه- قال للهُرمُزان: أما إذ فُتَّنِي بنفسك فانصح لي، وذلك اّنه قال له: تكلَّم لا بأس، فأمَّنه، فقال الهُرمُزان: نعم؛ إنّ فارسَ اليوم رأس وجناحان. قال: فأين الرأس؟ قال: نهاوند مع بُنْدار، قال: فإنه معه أساورة كسرى وأهل أصفهان، قال: فأين الجناحان؟ فذكَر الهُرمُزان مكاناً نسيته، فقال الهُرمُزان: اقطع الجناحين توهن الرأس. فقال له عمر -رضي الله عنه-: كذبْتَ يا عدوَّ الله، بل أعمد إلى الرأس فيقطعه الله، فإذا قَطَعه الله عني انقطَع عنّي الجناحان.

فأراد عمر أنْ يسير إليه بنفسه، فقالوا: نُذكِّرك الله يا أمير المؤمنين أن تسير بنفسك إلى العجم، فإن أُصِبْت بها لم يكن للمسلمين نظامٌ (١)، ولكن ابعث الجنود.

قال: فَبَعث أهل المدينة وبَعَثَ فيهم عبد الله بن عمر بن الخطاب، وبَعَث المهاجرين والأنصار، وكتَب إلى أبي موسى الأشعري أنْ سِرْ بأهل البصرة، وكتَب إلى حذيفة بن اليمان أن سِرْ بأهل الكوفة حتى تجتمعوا بنهاوند جميعاً، فإذا اجتمعتم فأميركم النعمان بن مُقَرِّن المزني.

فلمّا اجتمعوا بنهاوند، أرسَل إليهم بُندارُ العلج (٢) أنْ أرسِلوا إلينا يا معشر العرب رجلاً منكم نكلّمه، فاختار النّاس المغيرة بن شعبة، قال أبي: فكأني أنظر إليه: رجل طويل أشعر أعور، فأتاه، فلمّا رجع إلينا سألناه؟ فقال لنا: إنّي وجدْتُ العلج قد استشار أصحابه في أيّ شيء تأذنون لهذا العربي؟ أبشارتنا وبهجتنا وملكنا؟ أو نتقشف له فنزهده عما في أيدينا؟ فقالوا: بل نأذن له بأفضل ما يكون


(١) وهذا لاهتمامهم العظيم في تنظيم أمور الدولة: داخلها وخارجها.
(٢) العِلْج: الرجل من كُفّار العجم وغيرهم، والأعلاج جمعُه ويُجمع على علوج، "النّهاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>