للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "حرَّق نخل بني النّضير وقطع، وهي البويرة (١)، فأنزَل الله -تعالى-: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} " (٢).

قال أبو عيسى: "وقد ذهَب قومٌ من أهل العلم، إلى هذا، ولم يروا بأساً بقطع الأشجار، وتخريب الحصون، وَكَرِهَ بعضُهم ذلك وهو قول الأوزاعي، قال الأوزاعي: ونهى أبو بكر الصديقُ يزيدَ أن يَقطَع شجراً مُثمراً أو يُخرِّب عامراً، وعمل بذلك المسلمون بعده.

وقال الشافعي: لا بأس بالتحريق في أرض العدو وقطْع الأشجار والثمار، وقال أحمد: وقد تكون في مواضع لا يجدون منهُ بداً، فأمَّا بالعَبَث فلا تُحرَق، وقال إسحق: التحريقُ سُنة إذا كان أنكى فيهم" (٣).

قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح" (٥/ ٩) قوله (٤): " (بابُ قطعِ الشجر والنخل) أي: للحاجة والمصلحة؛ إذا تعيّنَت طريقاً في نكاية العدو، ونحو ذلك.

وخالف في ذلك بعض أهل العلم، فقالوا: لا يجوز قطْعُ الشجر المثمر أصلاً، وحَملوا ما ورَدَ مِن ذلك إمّا على غير المُثمر، وإمّا على أنّ الشجر الذي قُطع في قصة بني النضير؛ كان في الموضع الذي يقع فيه القتال، وهو قول الأوزاعي والليث وأبي ثور.

وقال أيضاً (٦/ ١٥٥): وقد ذهَب الجمهور إلى جواز التحريق والتخريب


(١) البُويرة: موضع نخل بني النضير "شرح النّووي".
(٢) أخرجه البخاري: ٤٨٨٤، وفي مواضع عديدة، ومسلم: ١٧٥٦.
(٣) انظر "سنن الترمذي" تحت حديث رقم (١٥٥٢).
(٤) أي الإمام البخاري -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>