للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الأوزاعي: يُرمى الحصن بالمنجنيق والنار، وإنْ كان فيه أسرى المسلمين، فإنْ أُصيب أحدٌ مِن المسلمين؛ فهو خطأ تكون فيه الكفّارة والدِّيَة، ورأى أن يُكَفَّ عنهم، إذا تترّسوا بالمسلمين.

وعن مالك إجازةُ الرمي بالمنجنيق، ومنْع التحريق بالنار، إلاَّ أن يكون الحصن ليس فيه إلاَّ المُقاتِلَة فقط، فعنه في ذلك روايتان: الإجازة والمنع، ولا أعلم له في التترّس قولاً، وظاهر مذهبه المنع.

فأمّا دليل جواز رمي الحصون في الجملة -وفيها الذراريّ-: فما خرّجه البخاري (١)، ومسلم (٢)، عن الصعب بن جثّامة قال: "سُئِل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الدار مِن المشركين يُبيَّتون (٣)، فيصيبون مِن نسائهم وذراريّهم، فقال: "هم منهم" (٤).

زاد البخاريّ (٥)، قال: وسَمِعْتُه يقول: "لا حِمى إلاَّ لله ولرسولِه" (٦). وقوله


(١) (رقم: ٣٠١٢).
(٢) (رقم: ١٧٤٥).
(٣) قال بعض العلماء: أي أن يُغار عليهم بالليل، بحيث لا يُعرَف الرجل مِن المرأة والصبيّ.
(٤) قال الحافظ -رحمه الله- في "الفتح": "قوله: (هم منهم) أي في الحُكم تلك الحالة، وليس المراد إباحةَ قَتْلِهم بطريق القصد إليهم؛ بل المراد إذا لم يُمكِن الوصول إلى الآباء؛ إلاَّ بوطء الذريّة، فإذا أُصيبوا لاختلاطهم بهم؛ جاز قَتْلُهم.
وقال الكرمانيّ -رحمه الله- (١٣/ ٢٤): "والنهي عن قَتْلهم فيما إذا كانوا هم المقصودين، وكذلك النساء إذا قاتَلْن قُتِلْن أيضاً".
(٥) (رقم: ٣٠١٢).
(٦) لا حِمى إلاَّ لله ولرسوله: قال الكرماني -رحمه الله- (١٠/ ١٨٢): "حِمى -بغير التنوين- لغةً: المحظور، واصطلاحاً: ما يَحمي الإمام من الموات والمواشي بعينها، ويمنع سائر =

<<  <  ج: ص:  >  >>