للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكتَب إليّ إنما كان ذلك في أوّل الإسلام، قد أغار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بني المصطلِق وهم غارّون ... " (١).

جاء في "كتاب الإنجاد" (ص ١٦٨): -بعد ذكر حديث سهل رضي الله عنه-: "فتضمَّن ظاهرُ القرآن، ونصُّ حديث سهلٍ؛ الأمرَ بالدعاء إلى الإسلام قبل القتال، وجاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- مباغتَتُهم، والإغارةُ عليهم وهم غارُّون، فوجَب أن يُرجَع ذلك إلى اختلاف أحوال الكُفّار؛ فيمن كان قد علِمَ بأمر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وما يُقاتِلُهم عليه، داعياً إلى الله -تعالى-، وإلى دين الإسلام، أو كان لم يعلم شيئاً من ذلك.

والدليل على ذلك قوله في الحديث: "إنما كان ذلك في أول الإسلام"، يعني: دعاءَهم قبل القتال، حيث كانوا جاهلين بأمر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأحوالُ الكُفّار لا تخلو مِن هذين الوجهين، فأمّا من عُلِمَ، وتُحُقِّق أنّه لم تبلغه دعوة الإسلام، ولا عُلِمَ ماذا يراد منه بالقتال، فلا خِلافَ يُعرفُ أنّه يجب أن يُدعى قبلُ إلى الإسلام، ويعلم بما يجب في ذلك، فإنِ امتنعوا قوتلوا حينئذٍ" (٢).

وقال (ص ١٧١): "قال ابن المنذر: ... وكان الشافعيّ وأبو ثور يقولان: فإنْ كان قومٌ لم تبلُغهم الدعوة، ولا عِلْم لهم بالإسلام، لم يقاتَلوا حتى يُدْعَوا إلى الإسلام، قال ابن المنذر: وكذلك نقول". انتهى.

قلت: وقد بوّب الإمام النّووي -رحمه الله- للنص الذي قاله نافع، وكان قد حدّثه هذا الحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قائلاً: (باب جواز


(١) أخرجه مسلم: ١٧٣٠.
(٢) انظر تتمة الكلام للمزيد من الفائدة -إن شئت-.

<<  <  ج: ص:  >  >>