للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حفص، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء: قال: قلت: أرأيت قول الله -عزّ وجلّ-: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، أهو الرجل يَحْمِل على الكتيبة فيها ألْفٌ، قال: لا، ولكن الرجل يُذنب، فيلقي بيده ويقول: لا توبة (١).

وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عَجِب ربُّنا -عزّ وجلّ- مِن رجلٍ غزا في سبيل الله، فانهزم -يعني: أصحابه- فَعَلِمَ ما عليه، فرجَع حتى أُهريق دمُه، فيقول الله -عزّ وجلّ- لملائكته: انظروا إلى عبدي رجَع رَغْبَةً فيما عندي، وشفقةً ممّا عندي، حتى أُهريق دَمُه" (٢).

[قلت: وفي الباب، حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ثلاثة يُحبُّهم الله ويَضْحَك إليهم، ويستَبْشِر بهم: الذي إذا انكشَفَت فِئَة؛ قاتل وراءَها بنفسه لله -عزّ وجلّ- فإمَّا أن يُقتَل، وإمَّا أنْ ينصرَه الله ويكفيه، فيقول: انظروا إلى عبدي هذا؛ كيف صبَر لي بنفسه"] (٣).

واختَلَف أهل العلم في حَمْل الرجل وحدَه على الجيش؛ والعدد الكثير مِن


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" وكذا ابن جرير وغيرهما وانظر ما قاله محققا كتاب "الإنجاد" (ص ١٩١)، قلت؛ وأخرج الحاكم نحوه في "المستدرك" ولفظه: "قال له [أي للبراء -رضي الله عنه-] يا أبا عمارة {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، الرجل يلقى العدوَّ، فيقاتل حتى يُقتَل؟ قال: لا، ولكن هو الرجل يذنب الذنب، فيقول: لا يغفره الله لي"، وصحَّحه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٦٢٤).
(٢) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٢٢١١)، ورواه أحمد وأبو يعلى وابن حبان في "صحيحه"، وحسَّنه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٣٨٤).
(٣) أخرجَه الطبراني، وحسَّنه لغيره شيخنا -رحمه الله- في "صحيح الترغيب والترهيب" (١٣٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>