للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمّا خرجوا مِن الحرَم ليقتلوه في الحِلِّ، قال لهم خُبَيب: ذروني أركعْ ركعتين، فتركوه فركَع ركعتين ثمّ قال: لولا أنْ تظنّوا أنّ ما بي جَزَع (١) لطوّلتُها، اللهم أحْصِهِم عَدَداً (٢).

ولست أبالي حين أُقْتَلُ مسلماً ... على أي شِقٍّ كان لله مصرعي

وذلك في ذات الإله وإنْ يَشَأْ ... يُبارِك على أوصال (٣) شِلْوٍ (٤) مُمَزَّعِ (٥)

فقتَله ابن الحارث، فكان خبيبٌ هو سنَّ الركعتين لكل امرئ مُسْلم قُتِلَ صَبْراً (٦)، فاستجاب الله لعاصم بن ثابتٍ يوم أصيب. فأخبَر النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابَه خَبَرهم وما أُصِيبُوا، وبعَث ناسٌ من كُفّار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنّه قُتِل ليُؤْتَوا بشيء منه يُعْرَفُ، وكان قد قتل رجلاً مِن عظمائهم يوم بدر، فبُعِث على عاصمٍ مِثْلُ الظُّلّة (٧) مِن الدَّبْرِ (٨) فَحَمَتْه (٩) من رسولهم، فلم يقدروا على أن يقطعوا


(١) الجزع: نقيض الصبر.
(٢) دعا عليهم بالهلاك استِئصالاً، أي: لا تُبْقِ منهم أحَداً. "عمدة القاري".
(٣) الأوصال: جَمْع وَصل، وهو العضو.
(٤) الشِّلو -بكسر المعجمة-: الجسد، وقد يطلق على العضو، ولكن المراد به هنا الجسد.
(٥) الممزَّع: المُقطَّع.
(٦) قال في "النّهاية": " ... وكلّ من قُتل في غير معركة، ولا حَرْب، ولا خطأ، فإنه مقتولٌ صبراً".
(٧) الظُلَّة: السَّحابة.
(٨) الدَّبر -بفتح المهملة وسكون الموحَّدة-: الزنانبير، وقيل ذكور النحل، ولا واحد له من لفظه. "الفتح".
(٩) مَنَعتْه منهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>