للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعن شَدّاد بن الهاد: "أن رجلاً من الأعراب، جاء إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فآمن به واتَّبعَه، ثمّ قال: أُهاجرُ معك، فأوصى به النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعضَ أصحابه، فلمّا كانت غزوة [خَيْبرَ] غَنِمَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[فيها] شيئاً، فَقَسم، وَقَسَمَ له، فأعطى أصحابه ما قَسَم له، وكان يرعى ظَهْرَهم، فلمّا جاءهم دفعوه إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قَسَمَ لك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

فأخذه فجاء به إلى النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ما هذا؟ قال: قَسَمْتُه لك، قال: ما على هذا اتَّبعْتُك، ولكن اتَّبعْتُك على أن أرمى إلى هاهنا -وأشار إلى حَلْقهِ- بسهمٍ فأموتَ، فأدخلَ الجنة، فقال: إن تَصدُقِ الله يَصْدُقْك.

فَلَبِثُوا قليلاً، ثمّ نهَضُوا في قتال العَدُوِّ، فأُتي به النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحْمَل، قد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهو هو؟ قالوا: نعم، قال: صدَق الله فصدَقَه.

ثمّ كفَّنه النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في جُبَّةِ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثمّ قدَّمه فصلَّى عليه، فكان فيما ظَهرَ مِن صلاتِهِ: اللهمَّ هذا عبدك، خرج مهاجراً في سبيلك، فقُتِل شهيداً، أنا شهيدٌ على ذلك" (١).

وعن الزُّبَير بن العَوّام -رضي الله عنه- قال: "لمّا كان يومُ أُحُد؛ أقبَلتِ امرأةٌ تسعى، حتى إذا كادت أن تُشرِف على القتلى، قال: فَكرِهَ النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن تَراهم، فقال: المرأةَ المرأةَ!

قال: فتوسَّمْتُ أنها أمّي صفيّةُ، فخرجْتُ أسعى إليها، فأدْركْتُها قبل أن


(١) أخرجه عبد الرزاق والنسائي "صحيح سنن النسائي" (١٨٤٥) والحاكم وغيرهم وصححه شيخنا رحمه الله في "أحكام الجنائز" (ص ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>