للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى قَتْل المسلم الجاسوس؛ كالشافعي وأحمد، وأبي حنيفة -رحمهم الله- واستدل به من يرى قَتْلَه؛ كمالك، وابن عقيل من أصحاب أحمد -رحمه الله- وغيرهما.

قالوا: لأنه علّل بعلّة مانعةٍ من القتل، منتفية في غيره (١)، ولو كان الإسلام مانعاً من قَتْله؛ لم يُعلّل بأخص منه (٢)، لأن الحكم إذا علّل بالأعم (٣) كان الأخص (٤) عديم التأثير وهذا أقوى. والله أعلم".

وقال -رحمه الله أيضاً- (ص ٤٢٢): "وفيها (٥) جواز قَتْل الجاسوس -وإنْ كان مُسلِماً- لأن عمر -رضي الله عنه- سأل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتْل حاطب بن أبي بلتعة، لمّا بعَث يُخبر أهل مكة بالخبر، ولم يَقُل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يحلّ قتلُه إنه مسلم، بل قال وما يدريك لعل الله قد اطلَع على أهل بدر، فقال اعملوا ما شئتم.

فأجاب بأنّ فيه مانعاً مِنْ قَتْله وهو شهودُه بدراً، وفي الجواب بهذا؛ كالتنبيه على جواز قَتْل جاسوسٍ ليس له مِثل هذا المانع.

وهذا مذهب مالك، وأحد الوجهين في مذهب أحمد، وقال الشافعي وأبو حنيفة: لا يُقتَل وهو ظاهر مذهبِ أحمد والفريقان يحتجّون بقصة حاطب.

والصحيح أن قَتْله راجع إلى رأي الامام فإنْ رأى في قَتْله مصلحة


(١) وهي شهود بدر.
(٢) أي لو كان الإسلام مانعاً مِن قتله؛ فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعلّل عدم الإذن بقتله؛ لكونهِ من أهل بدر، بل لإسلامه فحسب.
(٣) وهو الإسلام هنا.
(٤) وهو شهود بدر هنا.
(٥) أي في قصة فتح مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>