للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلي؛ فتصيبني الجنابة، فأصلّي بغير طهور، فأتيت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بنصف النهار وهو في رهطٍ من أصحابه، وهو في ظلِّ المسجد، فقال: أبو ذرّ؟ فقلت: نعم، هلكْتُ يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قلت: إِنّي كنتُ أعزب عن الماء، ومعي أهلي فتصيبني جنابة، فأصلّي بغير طهور.

فأمر لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بماء، فجاءت به جارية سوداء بعُس (١) يتخضخض ما هو بملآن، فتستَّرْتُ إِلى بعيري فاغتسلْت، ثمَّ جئتُ، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يا أبا ذر إِنَّ الصعيد الطيّب طَهور، وإِن لم تجد الماء إِلى عشر سنين، فإذا وجدْتَ الماء فأمسَّه جِلدك" (٢).

وروي عن ابن عبّاس في الرجل يكون مع أهله في السفر وليس معهم ماء؛ فلم ير بأساً أن يغشى أهله ويتيمّم (٣).

قال ابن المنذر -رحمه الله-: "وبهذا القول نقول؛ لأنَّ الله تعالى أباح وطي الزوجة وملك اليمين، فما أباح فهو على الإِباحة، لا يجوز حظْر ذلك ولا المنع منه إلاَّ بسنّةٍ أو إِجماع، والممنوع منه: حال الحيض والإِحرام والصيام،


(١) العُسّ: القدح الكبير وجمعه عِساس وأعساس. "النهاية".
(٢) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٢٢) وأحمد والترمذي، وانظر "المشكاة" (٥٣٠)، والشطر الأخير منه تقدم تخريجه.
قال في "نيل الأوطار" (١/ ٣٢٦): "وذِكْر العشر سنين لا يدّل على عدم جواز الاكتفاء بالماء بعدها؛ لأنَّ ذِكرها لم يُرَد به التقييد، بل المبالغة؛ لأن الغالب عدم فُقدان الماء وكثرة وجدانه لشدة الحاجة إِليه، فعدَمُ وجدانه إنِّما يكون يوماً أو لبعض يوم.
(٣) "الأوسط" (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>