يَقسِمون خَراجها بينهم، وقد ذهَب إلى هذا جمهور الصحابة ومَن بعدهم، وعمل عليه الخلفاء الراشدون -رضي الله عنهم-.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال:"قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّما قريةٍ أتيتموها وأقمتم فيها؛ فسَهْمُكم فيها، وأيُّما قريةٍ عَصت الله ورسوله؛ فإنَّ خُمُسَها لله ولرسوله، ثمّ هي لكم"(١).
وجاء في "الروضة الندية"(٢/ ٧٥٦):
أقول: قسمة الأموال المجتمعة للمسلمين مِن: خراجٍ، ومعاملةٍ، وجزيةٍ، وصُلحٍ، وغير ذلك؛ ينبغي تفويض قِسْمتها إلى الإمام العادل الذي يمحض النّصح لرعيته، ويبذْل جهده في مصالحهم، فيَقْسِم بينهم ما يقوم بكفايتهم، ويدَّخر لحوادثهم ما يقوم بدفعها.
ولا يلزمه في ذلك سلوكُ طريقٍ مُعيَّنة سلَكَها السلف الصالح، فإنّ الأحوال تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، فإنْ رأى الصلاح في تقسيم ما حَصل في بيت المال في كلّ عامٍ فعَل، وإنْ رأى الصلاح في تقسيمه في الشهر أو الأسبوع أو اليوم فَعَل.
ثمّ إذا فاضَ مِن بيتِ مال المسلمين على ما يقوم بكفايتهم، وما يدخِر لدفْع ما ينوبهم، جعل ذلك في مُناجزة الكَفَرة، وفتْح ديارِهم، وتكثير جهاتِ المسلمين، وفي تكثير الجيوش والخيل والسلاح، فإنّ تقويةَ جيوش المسلمين هي الأصلُ الأصيل في دفْع المفاسد وجَلْبِ المصالح.