الإمام في الأسرى؛ بحسب الاجتهاد والمصلحة لأهل الإسلام، فمَن خُشيت شجاعته منهم وإقدامُهُ، أو رأيُهُ وتدبيرُه، وما أشبه ذلك مِن الوجوه التي تعود بتقوية بأس العدو على المسلمين في بقائه؛ كان الأولى قَتْلُهُ، إلاَّ أن يَعْرضَ هناك ما يمنع، وتكونُ مراعاته أهمّ، مِثل أن يكون في بلاد الكفر أسيرٌ مِن المسلمين، لا يُستطاع إخراجُه إلاَّ بالمفاداة بهذا، وما أشبهَ ذلك مِن وجوه النَّظَرِ في الحال، وذلك غير مُنْحَصرٍ، بل هو بحسب ما يرى الحاضر والمجتهد، ومَن لم يكن مِن الأسرى على هذه الصِّفة، وكان في المفاداة به مصلحةٌ وتقويةٌ للمسلمين بالمال، وما أشبه ذلك مما لا ينحصر أيضاً مِن وجوه النَّظَر - فالأوْلَى المفاداةُ.
ومن يُرجى إسلامُه بَعدُ، أو الانتفاع به في استمالة أهل الكفر، أو كَسْرِ شوكتهم، وما في معنى ذلك إذا رُدَّ وأُنعِم عليه؛ فالأَوْلَى المَنُّ.
ومَن كان صانعاً أو عسيفاً يُنتفع بمِثله في الخدمة، ولم يعرض فيه وجهٌ مِن الوجوه المتقدمة؛ اسْتُرِقَّ هؤلاء، أو ضُربت عليهم الجزية -إن كانوا من أهلها- على حسب ما يظهر من ذلك.
وبالجملة، فالنَّظَر في هذه الوجوه لمصالح المسلمين بحسب الحال؛ أوسَعُ من هذا، وإنما نَبَّهْنا على أنموذج من طريق النَّظَر، لا أنَّ ذلك واجبٌ بعينه، إلاَّ أنّه لا ينبغي أن يميل إلى واحدٍ من هذه الوجوه؛ إلاَّ لمصلحةٍ في حقِّ المسلمين؛ يغلب على نَظَرِه واجتهاده أنهأ أَوْلى.
فأمَّا القتل، فما دام الإمام مُرتئياً؛ لم يَعزِم على واحدةٍ مما سواه؛ ساغَ له القتل -ولو بعد مدةٍ-.
قال بعض الفقهاء: لو عَرَضَهم للبيع ليختبر أثمانهم، ويناظر بها وجه