للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "لما قَسَمَ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سبايا بني المُصْطَلِق؛ وقعَت جويرية بنت الحارث في السّهم لثابت بن قيس بن الشماس، أو لابن عمٍّ له، وكاتَبته على نفسها، وكانت امرأةً حلوة مُلاّحة (١)، لا يراها أحد إلاَّ أخذَت بنفسه، فأتَت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تستعينه في كِتابتها.

قالت: فوالله ما هو إلاّ أن رأيتها على باب حجرتي؛ فكرِهْتُها، وعرفت أنّه سيرى منها ما رأيت، فدخَلَت عليه، فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيّد قومه، وقد أصابني ما لم يخفَ عليك، فوقعْتُ في السهم لثابت بن قيس بن الشِّماس أو لابن عمٍّ له، فكاتَبْتُه على نفسي، فجئتك أستعينك على كِتابتي.

قال: فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي كتابتَك وأتزوجك، قالت: نعم يا رسول الله، قال: قد فعَلْتُ، قالت: وخرَج الخبر إلى النّاس أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تزوَّجَ جويريةَ بنتَ الحارث، فقال النّاس: أصهار رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأرسَلُوا ما بأيديهم.

قالت: فلقد أعتقَ بتزويجه إياها مائةَ أهلِ بيتٍ مِن بني المُصطَلِق، فما أعلَمُ امرأةً كانت أعظمَ بركةً على قومها منها" (٢).


(١) مُلاّحة أي: شديدةَ المَلاحَة، وهو من أبنية المبالغة. "النّهاية". قلت: على وزن فُعّال كقوله -تعالى-: {وَمَكرُوا مَكْراً كُبَّاراً}. وانظر "التطبيق الصرفي" (ص ٨٧) للدكتور عبده الراجحي.
(٢) أخرجه أحمد والحاكم وغيرهما، وحسّن شيخنا -رحمه الله- إسناده في "الإرواء" (٥/ ٣٧) تحت الحديث (١٢١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>