للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها عليكم، قد أعطاكموها، وبثَّها فيكم، حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُنفِق على أهله نفقةَ سَنتَهم مِن هذا المال، ثمّ يأخُذ ما بقي، فيجعله مَجْعَل مال الله، فَعمِل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك حياتَه" (١).

وعن عمر -رضي الله عنه-: "كانت أموال بني النّضير مما أفاءَ الله على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مما لم يوجِف (٢) المسلمون عليه بخيل ولا ركاب (٢)، فكانت لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خاصة، وكان يُنفِق على أهله نفقة سنته (٣)، ثمّ يجعل ما بقي في السلاح والكُراع (٤)؛ عُدّةً (٥) في سبيل الله" (٦).

*قال أبو عبيد -رحمه الله- في كتاب "الأموال" (ص ٢٦٤): "وقد كان رأيُ عمرَ الأول؛ التفصيل على السوابق والغَنَاء عن الإسلام، وهذا هو المشهور مِن رأيه، وكان رأي أبي بكرٍ التسوية، ثمّ قد جاء عن عمرَ شيءٌ شبيهٌ بالرجوع إلى رأي أبي بكر".


(١) أخرجه البخاري: ٣٠٩٤، ومسلم: ١٧٥٧.
(٢) يوجف: الإيجاف: هو الإسراع في السير، [والركاب: الإبل]، أي: لم يعملوا فيه سعْياً؛ لا بالخيل ولا بالإبل. "شرح الكرماني" (١٢/ ١٦٧).
(٣) قال النّووي -رحمه الله-: "أي: يعزل لهم نفقَة سنة، ولكنه كان يُنفِقه قبل انقضاء السنة في وجوه الخير، فلا تَتِمّ عليه السنة، ولهذا تُوفِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودرعه مرهونةٌ على شعير؛ استدانَه لأهله، ولم يشبع ثلاثة أيام تباعاً، وقد تظاهَرَت الأحاديث الصحيحة؛ بكثرة جوعه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وجوع عياله".
(٤) أي: الخيل.
(٥) قال العيني في "عمدة القاري" (١٤/ ١٨٥): "قوله عُدّةً: وهي الاستعداد، وما أعدَدْته لحوادث الدهر مِن سلاحٍ ونحوه".
(٦) أخرجه البخاري: ٢٩٠٤، ومسلم: ١٧٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>