ومِن الفيء ما ضَرَبه عمر -رضي الله عنه- على الأرض التي فتحها عَنْوَة (١) ولم يَقْسِمها؛ كأرض مصر، وأرض العراق -إلاَّ شيئا يسيرا منها- وبَرّ الشام وغير ذلك.
فهذا الفيء لا خُمُس فيه عند جماهير الأئمة: كأبي حنيفة ومالك وأحمد. وإن يرى تخميسه الشافعيّ، وبعض أصحاب أحمد، وذُكر ذلك رواية عنه، قال ابن المنذر: لا يُحفَظ عن أحدٍ قبل الشافعي؛ أنّ في الفيء خُمُساً كخُمُس الغنيمة.
وهذا الفىء لم يكن ملكاً للنبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حياته عند أكثر العلماء وقال الشافعى وبعض أصحاب أحمد: كان ملكاً له.
وأمّا مصرفه بعد موته؛ فقد اتفَق العلماء على أن يُصْرَف منه أرزاقُ الجند المقاتِلين الذين يُقاتِلون الكُفّار؛ فإنَّ تقويتَهم تُذلّ الكُفَّار؛ فيُؤخَذ منهم الفيء.
وتنازعوا هل يُصَرف في سائر مصالح المسلمين، أم تَخْتَصّ به المقاتِلة؟ على قولين للشافعي، ووجهين في مذهب الإمام أحمد، لكن المشهور في مذهبه -وهو مذهب أبي حنيفة ومالك-: أنّه لا يَخْتَص به المقاتِلة؛ بل يصرف في المصالح كلِّها.
وعلى القولين؛ يُعطَى مَن فيه منفعةٌ عامة لأهل الفيء، فإنّ الشافعيّ قال: ينبغي للإمام أن يَخُصّ مَن في البلدان مِن المقاتِلة -وهو مَنْ بَلَغ، ويُحصي الذُّرّية- وهي من دون ذلك والنساء- إلى أن قال: ثمّ يُعطي المقاتِلة في كلّ عام عطاءهم ويُعطي الذرية والنساء ما يكفيهم لسنتهم.