للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجَعوا فنقضوه مرّةً أخرى، فأنزَل الله- عزّ وجلّ-: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١)} (٢).

وفي التشنيع على الناقضين للعهود، يقول الله -عزّ وجلّ-: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} (٣).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "آيةُ المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذَب، وإذا وعَد أخلَف، وإذا أؤتمُن خان" (٤).

وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن قَتَل


(١) قال ابن كثير -رحمه الله-: "أخبَر -تعالى- أنّ شرَّ ما دبّ على وجه الأرض؛ همُ الذين كفَروا فهم لا يؤمنون، الذين كلّما عاهدوا عهداً نَقضوه، وكلّما أكّدوه بالأيمان نَكثوه، {وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} أي: لا يخافون مِن الله في شيءٍ ارتكبوه مِن الآثام.
{فإما تثقفنهم في الحرب} أي: تَغْلبهم وتظفر بهم في حرب، {فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خلفَهُم} أي: نكِّل بهم، [قاله: ابن عباس -رضي الله عنهما- وغيره] ومعناه: غَلِّظ عقوبَتَهم، وأثخِنْهم قَتْلاً، ليخاف مَن سواهم مِن الأعداء -مِن العرب وغيرهم- ويصيروا لهم عِبرة".
(٢) الأنفال: ٥٥ - ٥٧.
(٣) النحل: ٩١ - ٩٢.
(٤) أخرجه البخاري: ٣٣، ومسلم: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>