للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل أن يُقاتلِوا.

وأمّا أهل البغي فإنّ الله -تعالى- قال فيهم: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فلم يأمر بقتال الباغية ابتداءً، فالاقتتال ابتداءً ليس مأموراً به؛ ولكن إذا اقتتلوا أمرَ بالإصلاح بينهم؛ ثم إنْ بغَت الواحدة قوتلت؛ ولهذا قال مَن قال مِن الفقهاء: إنّ البغاة لا يُبتدَءون بقتالهم حتى يُقاتلوا، وأمّا الخوارج فقد قال النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهم: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإنّ في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة" (١)، وقال: "لئن أدركتُهم لأقتلنّهم قَتْل عاد" (٢).

وكذلك مانعو الزكاة؛ فإنّ الصّدِيق والصحابة ابتدءوا قتالهم، قال الصّديق -رضي الله عنه-: "والله لو منعوني عَناقاً (٣) كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لقاتَلْتُهم عليه" (٤).


(١) تقدّم.
(٢) أخرجه البخاري: ٣٤٤٤، ومسلم: ١٠٦٤.
(٣) العَناق: هي الأُنثى مِن أولاد المعز؛ ما لم يتمّ له سنة، "النّهاية".
(٤) أخرجه البخاري: ١٤٠٠، ومسلم: ٢٠، بلفظ "لو منعوني عقالاً ... " وقال الإمام النّووي -رحمه الله- بحذف: "هَكَذَا فِي مُسْلِم عِقَالاً، وَكَذَا فِي بَعْض رِوَايَات الْبُخَارِي، وَفِي بَعْضهَا عَنَاقاً -بِفَتْحِ العَيْن وَبِالنُّونِ- وَهِيَ الأُنثَى مِنْ وَلَد المعْز، وَكِلاَهُمَا صَحِيح، وَهُوَ مَحْمُول عَلَى أنَّهُ كَرَّرَ الْكَلَام مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ فِي مَرَّة: عِقَالاً وَفِي الْأُخْرَى: عَنَاقاً فَرُوِيَ عَنْهُ اللَّفْظَانِ. فأمَّا رِوَايَة الْعَنَاق فَهِيَ مَحْمُولَة عَلَى مَا إِذَا كَانَتْ الْغَنَم صِغَاراً كُلّهَا؛ بِأنْ مَاتَت أماتها فِي بَعْض الحَوْل، فَإِذَا حَال حَوْل الْأُمَّات؛ زَكَّى السِّخَال بِحَوْلِ الْأُمَّات =

<<  <  ج: ص:  >  >>