للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معشر العرب، والله لئن لم تقوموا بما جاء به نبيّكم لَغَيركم مِن الناس؛ أحرى أن لا يقوم به، إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام فينا يوماً فذكَر أنّ أهل الكتاب قبلكم افترقوا على اثنتين وسبعين فرقة في الأهواء، ألا وإنّ هذه الأمّة ستفترق على ثلاثٍ وسبعين فرقةً في الأهواء" (١).

وقال الله -تعالى-: {إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم} (٢).

وجاء في "التفسير القيّم" (ص ٥٤٥): "وهل زالت عن أحد قطّ نعمةٌ إلاّ بشؤم معصيته، فإنّ الله إذا أنعم على عبدٍ نعمة حَفِظَها عليه، ولا يُغيّرها عنه حتى يكون هو الساعي في تغييرها عن نفسه، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} (٣)، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٤).

ومَن تأمَّل ما قصَّ الله في كتابه مِن أحوال الأُمم الذين أزال نِعَمَه عنهم، وجَد سبب ذلك جميعه؛ إنما هو مخالفة أمره، وعصيان رُسُله -عليهم السلام-، وكذلك مَن نظَر في أحوال أهل عصره، وما أزال الله عنهم مِن نِعمه، وجَد ذلك كلَّه مِن سوء عواقب الذنوب، كما قيل:

إذا كنت في نعمةٍ فارْعَها ... فإنّ المعاصي تزيل النِّعَم


(١) انظر تخريج شيخنا -رحمه الله- لكتاب "السُّنَّة" لابن أبي عاصم (٦٨، ٦٩).
(٢) الرعد: ١١.
(٣) الرعد: ١١.
(٤) الأنفال: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>