والأحاديت؛ على ما لا يخفى على المتتبّع -بل لأنَّ صيغة المبالغة يُستفاد منها الطهارة الكاملة، والطهارة الكاملة للنساء عن المحيض هو الاغتسال- فلمَّا دلّت قراءة التشديد على أنَّ غاية حرمة القربان هو الاغتسال، -والأصل في القراءات التوافق- حُملت قراءة التخفيف عليها، بل قد يُدّعى أنَّ الطهر يدلّ على الاغتسال أيضاً، بحسب اللغة.
ففي "القاموس" طهُرت المرأة: انقطع دمها، واغتسلت من الحيض كتطهَّرت. وأيضاً قوله تعالى:{فإِذا تطهَّرن فأتوهنَّ} يدلّ التزاماً على أنَّ الغاية هي الاغتسال، لأنَّه يقتضي تأخّر جواز الإِتيان عن الغسل، فهو يُقوّي كون المراد بقراءة التخفيف الغُسل لا الانقطاع، وربما يكون قرينة على التجوز في الطهر، بحمله على الاغتسال إِن لم يسلّم ما تقدّم، وعلى فرض عدم التسليم هذا وذاك، والرجوع إِلى القول بأنَّ قراءة التخفيف من الطهر، وهو حقيقة في انقطاع الدم لا غير، ولا تجوُّز ولا قرينة، وقراءة التشديد من التطهر، ويستفاد منه الاغتسال".
وقال البغوي -رحمه الله- (١/ ١٩٧): تطهَّرن: يعني: اغتسلن.
قال في "المغني" (١/ ٣٥٣): "فإِن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل".
وجملته أنَّ وطء الحائض قبل الغسل حرام، وإِن انقطع دمها في قول أكثر أهل العلم.
قال ابن المنذر: هذا كالإِجماع منهم، وقال أحمد بن محمد المروزي: "لا أعلم في هذا خلافاً ... ".