للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطهَّرن فأتوهنَّ من حيث أمركم الله} (١).

قال مجاهد: {حتى يطهُرن} يعني: ينقطع الدَّم، {فإِذا تطهَّرن}: اغتسلن بالماء، وهو كما قال مجاهد.

وإِنَّما ذكر الله غايتين على قراءة الجمهور، لأنَّ قوله: {حتى يطهُرن} غاية التحريم الحاصل بالحيض، وهو تحريم لا يزول بالاغتسال ولا غيره، فهذا تحريم يزول بانقطاع الدَّم، ثمَّ يبقى الوطء بعد ذلك جائزاً بشرط الاغتسال، لا يبقى محرَّماً على الإِطلاق، فلهذا قال: {فإذا تطهَّرن فأتوهنَّ من حيث أمركُم الله}.

وهذا كقوله: {فإِن طلَّقها فلا تحلُّ له من بعدُ حتى تَنكحَ زوجاً غيره} (٢).

فنكاح الزوج الثاني غاية التحريم الحاصل بالثلاث، فإِذا نَكَحت الزوج الثاني زال ذلك التحريم، لكن صارت في عصمة الثاني؛ فحرمت لأجل حقّه، لا لأجل الطَّلاق الثلاث، فإِذا طلَّقها جاز للأوَّل أن يتزوَّجها.

وقد قال بعض أهل الظاهر: المراد بقوله: {فإذا تطهَّرن} أي: غسلْن فرجهنّ، وليس بشيء، لأنَّ الله قد قال: {وإِن كنتم جُنُباً فاطَّهروا} (٣)؛ فالتطهّر في كتاب الله هو الاغتسال، وأمَّا قوله: {إنَّ الله يحبّ التَّوابين ويُحبُّ


(١) البقرة: ٢٢٢
(٢) البقرة: ٢٣٠
(٣) المائدة: ٦

<<  <  ج: ص:  >  >>