المحافظة على الصَّلاة، فاختار القتل عليها، فقُتل؛ فهو في هذه الحالة يموت كافراً، ولا يُدفَن في مقابر المسلمين، ولا تَجري عليه أحكامهم؛ خلافاً لما سبق عن السخاوي؛ لأنَّه لا يُعقل -لو كان غير جاحد لها في قلبه - أن يختار القتل عليها، هذا أمر مستحيل معروف بالضرورة من طبيعة الإِنسان، لا يحتاج إِثباته إِلى برهان". انتهى.
وكم أعجبني قول بعض طلاب العلم: "إِنَّ ممّا أخشاه أن يكون المكفّرون لتارك الصلاة مطلقاً؛ قد عظّموا الصَّلاة أكثر من الشهادتين".
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنّه قال: "أُمِرَ بعبد من عباد الله أن يضربَ في قبره مائة جلدة، فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة، فجُلدَ جلدةً واحدةً، فامتلأ قبره عليه ناراً، فلما ارتفع عنه وأفاق قال: على ما جلدتموني؟ قالوا: إِنّك صليت صلاةً واحدةً بغير طهورٍ، ومررتَ على مظلومٍ فلم تنصره" (١).
قال شيخنا -حفظه الله تعالى- من فقه الحديث: قال الطحاوي عقبه: "فيه ما قد دل أن تارك الصلاة لم يكن بذلك كافراً، لأنّه لو كان كافراً لكان دعاؤه باطلاً لقول الله تعالى:{وما دعاء الكافرين إلاَّ في ضلال}.
ونقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد"(٤/ ٢٣٩)، وأقره، بل وأيده بتأويل الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة على أن معناها: "من ترك الصلاة جاحداً لها معانداً مستكبراً غير مقرّ بفرضها. وألزم من قال بكفره بها وقبلها
(١) أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" وغيره، وخرّجه شيخنا في "الصحيحة" (٢٧٧٤).