للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية: "وما يعرف بعضنا وجوه بعض" (١).

ولا يُعارض هذا الحديث قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أسفروا (٢) بالفجر؛ فإِنَّه أعظم


= البراغيث) لأنَّ قياسه الإِفراد وقد جُمِع. قوله (نساء المؤمنات): تقديره نساء الأنفس المؤمنات أو نحوها، ذلك حتى لا يكون من إِضافة الشيء إلى نفسه، وقيل: إِنَّ (نساء) هنا بمعنى الفاضلات، أي: فاضلات المؤمنات، كما يقال: رجال القوم، أي: فضلاؤهم. وقوله (لا يعرفهن أحد)، قال الداودي: معناه: لا يُعرفن أنساء أم رجال، أى: لا يظهر للرائي إلاَّ الأشباح خاصّة، وقيل: لا يُعرف أعيانهن فلا يُفرّق بين خديجة وزينب، وضعّفه النووي بأنّ المتلفّعة في النهار لا تعرف عينها فلا يبقى في الكلام فائدة، وتعقّب بأن المعرفة إِنما تتعلق بالأعيان، فلو كان المراد الأول لعبَّر بنفي العِلم، وما ذكر من أن المتلفّعة بالنهار لا تُعرف عينُها فيه نظر، لأنَّ لكلّ أمرأة هيئة غير هيئة الأخرى في الغالب، ولو كان بدنها مُغطّى.
وقال الباجي: هذا يدلّ على أنهنّ كنّ سافرات، إِذ لو كنَّ متنقّبات لمنع تغطية الوجه من معرفتهنّ لا الغلس.
قلت: وفيه ما فيه، لأنَّه مبني على الاشتباه الذي أشار إِليه النووي، وأمّا إِذا قلنا إِنَّ لكل واحدة منهن هيئة غالباً فلا يلزم ما ذكر. والله أعلم.
والمروط: جمع مِرط بكسر الميم وهو كساء معلم من خز أو صوف أو غير ذلك، وقيل: لا يسمى مِرْطاً؛ إلاَّ إِذا كان أخضر، ولا يلبسه إلاَّ النساء، وهو مردود بقوله مِرْط من شعر أسود، وقوله: ينقلبن أي: يرجعن".
(١) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" بسند صحيح عنها. عن " جلباب المرأة المسلمة" (ص ٦٦).
(٢) أسفر الصبح إِذا انكشف وأضاء. قالوا: يُحتمل أنهم حين أمرهم بتغليس صلاة الفجر في أوّل وقتها؛ كانوا يصلّونها عند الفجر الأوّل حرصاً ورغبةً، فقال: أسفِروا بها =

<<  <  ج: ص:  >  >>