للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ثبَت عنه صلاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد العصر، وذلك قول البيهقي: "وأمّا الذي يوافقه ففيما أخبَرنا ... " ثمَّ ساق من طريق شعبة عن أبي إِسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: "كُنّا مع عليّ -رضي الله عنه- في سفر فصلَّى بنا العصر ركعتين، ثمَّ دخل فسطاطه (١) وأنا أنظر، فصلّى ركعتين".

ففي هذا أنَّ عليّاً -رضي الله عنه- عَمِل بما دلّ عليه حديثه الأوّل من الجواز.

وروى ابن حزم (٣/ ٤) عن بلال مُؤذِّن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لم ينه عن الصلاة إلاَّ عند غروب الشمس".

قلت: وإِسناده صحيح، وهو شاهد قويّ لحديث عليّ -رضي الله عنه- وأمّا الركعتان بعد العصر، فقد روى ابن حزم القول بمشروعيّتهما عن جماعةٍ من الصحابة، فمن شاء فليرجع إِليه.

وما دلَّ عليه الحديث من جواز الصلاة ولو نفلاً بعد صلاة العصر وقبل إصفرار الشمس، هو الذي ينبغي الاعتماد عليه في هذه المسألة التي كثُرت الأقوال فيها، وهو الذي ذهب إِليه ابن حزم تبعاً لابن عمر -رضي الله عنهما- كما ذكره الحافط العراقي وغيره، فلا تكن ممّن تغرّه الكثرة، إذا كانت على خلاف السُنَّة.

ثمَّ وجَدْتُ للحديث طريقاً أخرى عن عليّ -رضي الله عنه- بلفظ: "لا تصلُّوا بعد العصر، إلاَّ أن تُصلّوا والشمس مرتفعة". أخرجه الإمام أحمد (١/ ١٣٠): حدثنا إِسحاق بن يوسف: أخبرنا سفيان عن أبي إِسحاق عن


(١) الفُسطاط: -بالضم والكسر- المدينة التي فيها مجتمع الناس. "النهاية".

<<  <  ج: ص:  >  >>