للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البيت وصلّى أية ساعة من ليل أو نهار" (١).

فهذا العموم لم يخص منه صورة لا بنص ولا إِجماع، وحديث النهي مخصوص بالنص والإِجماع، والعموم المحفوظ راجح على العموم المخصوص. والبيت ما زال الناس يطوفون به، ويصلون عنده مِن حين بناه إِبراهيم الخليل، وكان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه قبل الهجرة يطوفون به، ويصلون عنده، وكذلك لما فتحت مكة كثر طواف المسلمين به، وصلاتهم عنده. ولو كانت ركعتا الطواف منهياً عنها في الأوقات الخمسة لكان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عن ذلك نهياً عاماً، لحاجة المسلمين إِلى ذلك، ولكان ذلك ينقل، ولم ينقل مسلم أنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى عن ذلك، مع أن الطواف طرفي النهار أكثر وأسهل.

وفي النهي تعطيلٌ لمصالح ذلك الطواف والصلاة. وذوات الأسباب إِنما دعا إِليها داع؛ لم تفعل لأجل الوقت؛ بخلاف التطوع المطلق الذي لا سبب له، وحينئذ فمفسدة النهي إِنما تنشأ ممّا لا سبب له دون ما له السبب، ولهذا قال في حديث ابن عمر: "لا تحرّوا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها" (٢). وانظر الكتاب المذكور للمزيد من الفوائد.


(١) أخرجه الترمذي والنسائي والدارمي وغيرهم، وخرجه شيخنا في "الإِرواء" (٤٨١).
(٢) أخرجه البخاري: ٥٨٢، ومسلم: ٨٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>