ولهذا، فلا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحاً للأدلة القولية، فلا جَرَم أن ذهب إِليه أكثر العلماء، وجزم به الشوكاني في "نيل الأوطار"(٢/ ٥٢ - ٥٣) و"السيل الجرّار"(١/ ١٦٠ - ١٦١).
نعم، يمكن القول بأنّ عورة الفخذين أخفّ من عورة السوأتين، وهو الذي مال إِليه ابن القيّم في "تهذيب السنن" كما كُنتُ نقَلْتهُ عنه في "الإِرواء"(١/ ٣٠١). وحينئذ، فمسُّ الفَخِذ الذي وقع في حديث أبي ذرّ -والظاهر أنَّه من فوق الثوب- ليس كمس السوأتين ... ". انتهى.
وعن أنس بن مالك " أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في زقاق خيبر، وإنّ ركبتي لتمسّ فخذ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثمَّ حسر الإِزار عن فخِذه حتى إِني أنظر إِلى بياض فخذ نبيَّ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... ".
قال شيخنا في "الإِرواء" (١/ ٣٠٠) بعد تخريج الحديث: أخرجه البخاري (١/ ١٠٥) والبيهقي (٢/ ٢٣٠) وأخرجه مسلم (٤/ ١٤٥، ٥/ ١٨٥) وأحمد (٣/ ١٠٢) إِلا أنهما قالا: "وأنحسر" بدل "وحسر"، ولم يذكر النسائي في روايته (٢/ ٩٢) ذلك كلّه.
قال الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ٢٤٥) عقب رواية مسلم: "قال النووي في الخلاصة: وهذه الرواية تُبيّن رواية البخاري، وأنّ المراد: انحسر بغير اختياره لضرورة الإِجراء. انتهى".
قلت [القائل: شيخنا -حفظه الله تعالى-]: وأجاب عن ذلك الحافظ في "الدراية" بقوله (ص ٤٣٤): "قلت: لكن لا فرق في نظري بين الروايتين؛ من