وقال (ص ٢٧٤) أيضاً: "وثبت في "الصحيح" (١) أنَّ عمر بن الخطاب كان يقول: "الله أكبر، سبحانك اللهمّ وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدّك، ولا إِله غيرك" يجهر بذلك مرّات كثيرة. واتفق العلماء على أنَّ الجهر بذلك ليس بسنّة راتبة؛ لكنْ جهر به للتعليم، ولذلك نقل عن بعض الصحابة أنَّه كان يجهر أحياناً بالتعوذ، فإِذا كان من الصحابة من جهَر بالاستفتاح والاستعاذة مع إِقرار الصحابة له على ذلك؛ فالجهر بالبسملة أولى أن يكون كذلك، وأن يشرع الجهر بها أحياناً لمصلحة راجحة.
لكنْ لا نزاع بين أهل العلم بالحديث: أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يجهر بالاستفتاح. ولا بالاستعاذة، بل قد ثبت في الصحيح أنَّ أبا هريرة قال له: يا رسول الله! أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: "أقول: اللهم باعِدْ بيني وبين خطاياي، كما باعَدْتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياى بالثلج والماء والبرَد".
وفي "السنن" عنه أنَّه كان يستعيذ في الصلاة قبل القراءة، والجهر بالبسملة أقوى من الجهر بالاستعاذة، لأنَّها آية من كتاب الله تعالى، وقد تنازع العلماء في وجوبها، وإِن كانوا قد تنازعوا في وجوب الاستفتاح والاستعاذة، وفي ذلك قولان في مذهب أحمد وغيره، لكن النزاع في ذلك أضعف من النزاع في وجوب البسملة.