فإِذا لم يقل المقتدي ذِكر الاعتدال، فسيقول مكانه ذِكر الاستواء، وهذا أمر مشاهَد من جماهير المصلين، فإِنّهم ما يكادون يسمعون منه:"سمع الله لمن حمده"؛ إلاَّ وسبقوه بقولهم:"ربّنا ولك الحمد"، وفي هذا مخالفة صريحة للحديث، فإِنْ حاول أحدهم تجنُّبها وقع في مخالفة أخرى، وهي إِخلاء الاعتدال من الذكر المشروع فيه بغير حُجّة.
قال النووي -رحمه الله- (٣/ ٤٢٠): "ولأنَّ الصلاة مبنية على أن لا يفتر عن الذِّكر في شيء منها، فإِنْ لم يقل بالذِّكرين في الرفع والاعتدال؛ بقي أحد الحالين خالياً عن الذكر".
بل إِنني أقول [الكلام لشيخنا -حفظه الله-]: إِن التسميع في الاعتدال واجب على كل مصلّ؛ لثبوت ذلك في حديث "المسيء صلاته" فقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه:"إِنها لا تتمّ صلاة أحدكم حتى يُسبغ الوضوء كما أمَره الله ... ثمَّ يكبّر ... ويركع حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ثمَّ يقول: سمع الله لمن حمده، ثمَّ يستوي قائماً حتى يقيم صلبه ... " الحديث (١).
فهل يجوز لأحد بعد هذا أن يقول بأن التسميع لا يجب على كلّ مصلٍّ؟! ". اهـ وانظر للمزيد من الفائدة "فتح الباري" تحت الحديث (٧٩٦).
هذا وقد ثبت أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يقول حين الاعتدال من الركوع:
(١) أخرجه أبو داود والنسائي والسياق له، وغيرهما بسند صحيح. وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (٨٠٤).