للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التحريم، فكلُّ نجس محرَّم، ولا عَكْس، وذلك لأنَّ الحكم في النجاسة هو المنع عن ملابستها على كل حال، فالحكم بنجاسة العين حكمٌ بتحريمها؛ بخلاف الحكم بالتحريم؛ فإِنَّه يحرُم لُبْس الحرير والذهب، وهما طاهران ضرورة شرعية وِإجماعاً".

وجاء في "الدراري المضيَّة" (١) (١/ ٢٨): "ولو كان مجرَّد تحريم الشيء مستلزماً لنجاسته لكان مِثل قوله تعالى: {حُرِّمتْ عَليكُمْ أمَّهاتُكُم ... } إِلى آخره دليلاً على نجاسة النساء المذكورات في الآية، وهكذا يلزم نجاسة أعيان وقع التصريح بتحريمها، وهي طاهرة بالاتِّفاق كالأنصاب (٢) والأزلام (٣) وما يُسكر من النباتات والثمرات بأصل الخِلقة.

فإِن قلتَ: إِذا كان التصريح بنجاسة شيء أو رجسيَّته يدلُّ على أنَّه نجس كما قلتَ في نجاسة الروثة ولحم الخنزير؛ فكيف لم تحكم بنجاسة الخمر لقوله تعالى: {إِنَّما الخَمْرُ والميْسِرُ والأنْصابُ والأزْلامُ رِجْسٌ} (٤)؟!

قلتُ: لمَّا وقع الخمر هنا مقترناً بالأنصاب والأزلام؛ كان ذلك قرينة صارفة لمعنى الرجسية إِلى غير النجاسة الشرعية.

وهكذا قوله تعالى: {إِنَّما المُشْركونَ نَجَسٌ} (٥)؛ لمّا جاءت الأدلَّة


(١) باختصار يسير.
(٢) هي حجارة كانوا يذبحون قرابينهم عندها. "تفسير ابن كثير".
(٣) هي قداح كانوا يستقسمون بها. "تفسير ابن كثير".
(٤) المائدة: ٩٠
(٥) التوبة: ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>