(أي: في التشهّد)، فكيف نصلّي عليك؟ قال: قولوا: اللهمّ صل على محمّد ... الحديث، فلم يخصّ تشهّداً دون تشهّد، ففيه دليل على مشروعية الصلاة عليه في التشهّد الأوّل أيضاً، وهو مذهب الإِمام الشافعي، كما نص عليه في كتابه "الأمّ"(١)، وهو الصحيح عند أصحابه؛ كما صرّح به النووي في "المجموع"(٣/ ٤٦٠)، واستظهرَه في "الروضة"(١/ ٢٦٣ - طبع المكتب الإِسلامي)، وهو اختيار الوزير ابن هبيرة الحنبلي في "الإِفصاح"؛ كما نقله ابنُ رجب في "ذيل الطبقات"(١/ ٢٨٠) وأقرّه، وقد جاءت أحايثُ كثيرة في الصلاة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهّد، وليس فيها أيضاً التخصيصُ المشارُ إِليه، بل هي عامّة تشملُ كل تشهُّد، وقد أوردْتها في الأصل تعليقاً، ولم أورِدْ شيئاً منها في المتن؛ لأنَّها ليست على شرطنا، وإن كانت من حيث المعنى يقوّي بعضها بعضاً، وليس للمانعين المخالفين أيُّ دليل يصحّ أنْ يُحتَجّ به، كما فصّلته في "الأصل"، كما أن القول بكراهة الزيادة في الصلاة عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهد الأوّل على "اللهمّ صلّ على محمّد"، ممّا لا أصْل له في السنّة ولا برهان عليه، بل نرى أنّ من فعَل ذلك لم يُنفِّذْ أمْر النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المتقدّم:"قولوا: اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ... " إِلخ.
وفي "تمام المنّة"(ص ٢٢٤): "في الردّ على الشيخ السيد سابق
(١) قال -رحمه الله تعالى- تحت رقم (١٤٥٦): والتشهد والصلاة على النّبيَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهّد الأول في كل ركعة غير الصبح تشهدان؛ تشهد أوّل، وتشهد آخر، إِن ترك التشهد الأول، والصلاة على النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التشهد الأول ساهياً، لا إِعادة عليه، وعليه سجدتا السهو لتركه.