وفي ذلك حديث غير ثابت بلفظ:"مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعاً ... ". خرّجه شيخنا -حفظه الله- في "تمام المنّة"(ص ٢٦٩) قائلاً: " ... ليس بحسَن لأنَّ فيه مجهولين"، ثمَّ ذكر ما جاء في "التلخيص" للحافظ في ذلك وقال: (أي: شيخنا -حفظه الله-): ولذلك اختار الطحاوي أنْ ليس في الحج سجدة ثانية قرب آخرها، وهو مذهب ابن حزم في "المحلى"، قال:"لأنَّه لم يصحّ فيها سُنّة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا أجمَع عليها، وصحّ عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي الدرداء السجود فيها".
ثمَّ ذهب ابن حزم إِلى مشروعية السجود في السجدات الأخرى المذكورة في الكتاب، وذكَر أن العشر الأولى متفق على مشروعية السجود فيها عند العلماء.
وكذلك حكى الاتفاق عليها الطحاوي في "شرح المعاني"(١/ ٢١١)، إلاَّ أنَّه جعَل سجدة (فُصّلت) بدل سجدة (ص). ثمَّ أخرجا كلاهما بأسانيد صحيحة عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه سجد في (ص) و (النجم) و (الانشقاق) و (اقرأ). وهذه الثلاث الأخيرة من المفصّل التي أشير إليها في حديث عمرو هذا.
وبالجملة؛ فالحديث مع ضعف إِسناده قد شهد له اتفاق الأمّة على العمل بغالبه، ومجيء الأحاديث الصحيحة شاهدة لبقيّته، إلاَّ سجدة الحج الثانية فلم يوجد ما يشهد لها من السنّة والاتفاق، إلاَّ أن عمل بعض الصحابة على السجود فيها، قد يستأنس بذلك مشروعيتها، ولا سيما ولا يُعرَف لهم