التسليم فيما أرشد إِلى السجود فيه قبل التسليم، ويسجد بعد التسليم فيما أرشد فيه إِلى السجود بعد التسليم، وما عدا ذلك فهو بالخِيار والكلّ سنّة.
وقال بعد أن ذكر أقوال الأئمّة الأربعة - رحمهم الله تعالى- ولا يشكّ مُنصِف، أنَّ الأحاديث الصحيحة مصرِّحة بأنَّه كان يسجد في بعض الصلوات قبل السلام، وفي بعضها بعد السلام، فالجزم بأنّ محلّهما بعد السلام فقط طرْح لبعض الأحاديث الصحيحة، لا لموجب؛ إِلا لمجرّد مخالفتها لما قاله فلان أو فلان؛ كما أنَّ الجزم بأنّ محلّهما قبل التسليم فقط؛ طرح لبعض الأحاديث الصحيحة لمِثل ذلك ..... والحقّ عندي أنَّ الكل جائز وسنّة ثابتة، والمصلّي مُخيَّر بين أن يسجد قبل أن يسلّم، أو بعد أن يسلم، وهذا فيما كان من السهو غير موافق للسهو الذي سجد له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل السلام أو بعده.
وأمَّا في السهو الذي سجد له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فينبغي الاقتداء به في ذلك، وإيقاع السجود؛ في المواضع الذي أوقعه فيه صلّى الله تعالى عليه وسلّم مع الموافقة في السهو، وهي مواضع محصورة مشهورة؛ يعرفها من له اشتغال بعلم السنّة المطهّرة". انتهى.
قلت: أمَّا من لم يكن له اشتغال بالسنّة المطهرة، فله أن يسجد قبل التسليم أو بعده، وذلك من باب التيسير الذي هو سِمة هذا الدين.
وقد أفادني شيخنا -حفظه الله- جواز ذلك سواءٌ أكان ذلك قبل التسليم أو بعده. انتهى.
جاء في "شرح النووي" (٥/ ٥٦): "قال القاضي عياض -رحمه الله- وجماعة من أصحابنا: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء