للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمثال ذلك كثير، فالإِنصاف أن يُقال: إِنَّه يطهَّر كلُّ فرد من أفراد النجاسات المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النصُّ، لكنَّه إِنْ كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء؛ فلا يجوز العدول إِلى غيره؛ للمزيَّة التي اخُتصَّ بها، وعدم مساواة غيره له فيها، وإنْ كان ذلك الفرد غير الماء؛ جاز العدول عنه إِلى الماء لذلك، وإنْ وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإِحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهِّرات، بل مجرد الأمر بمطلق التطهير، فالاقتصار على الماء هو اللاَّزم؛ لحصول الامتثال به؛ للقَطع، وغيره مشكوك فيه، وهذه طريقة متوسِّطة بين القولين، لا محيص من سلوكها".

قال شيخنا: "وهذا هو التحقيق، فشُدَّ عليه بالنَّواجذ.

وممَّا يدلُّ على أنَّ غير الماء لا يجزئ في دم الحيض: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الثاني: "يكفيك الماء"؛ فإِنَّ مفهومه أنَّ غير الماء لا يكفي، فتأمَّل" (١).

قال الحافظ تعليقاً على حديث عليٍّ -رحمه الله-: "كنتُ رجلاً مذَّاء": "واستدلَّ به ابن دقيق العيد على تعيُّن الماء فيه دون الأحجار ونحوها؛ لأنَّ ظاهره يعيِّن الغسل، والمعيَّن لا يقع الامتثال إلا به، وهذا ما صحَّحه النوويُّ في "شرح مسلم"" (٢).

وقال الشوكاني -رحمه الله- في "الدَّراري المضيَّة" (١/ ٣٠):


(١) " الصحيحة" فقه الحديث رقم (٣٠٠).
(٢) "الفتح" (١/ ٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>