للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِليها، فقلتُ (١): يا أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى؛ إِنَّما نُهِيَ عن هذا في الفضاء، أمَّا إِذا كان بينك وبينَ القِبلة شيءٌ يستُرُك؛ فلا بأسَ" (٢).

فالجواب عن ذلك:

"١ - إِنَّ كل النصوص المتعلِّقة بالموضوع لا تعدو أن تكون قوليَّة أو فعليَّة، سوى أثر ابن عمر، وهو موقوف، ولا يُعارَض المرفوع بالموقوف؛ كما هو معلوم.

٢ - إِذا تعارضَ قولٌ وفِعلٌ؛ قُدِّم القول على الفعل؛ كما هو مقرَّر في علم الأصول، والقول يأمر بعدم استقبال القِبّلة أو استدبارها ببولٍ أو غائط.

٣ - إِذا تعارَضَ حاظِرٌ ومُبيحٌ؛ قدِّمَ الحاظر على المُبيح.

٤ - لقد ثبتَ النَّهي عن البصقِ تجاه القبلة؛ كما في الحديث: "من تَفَلَ تجاه القِبلة؛ جاء يومَ القيامة وتفلتُه بينَ عينيه" (٣).

ومن هذا الحديث يُستَنْبَط أنَّ النَّهي عن استقبال القبلة ببول أو غائطٍ؛ إِنَّما هو مطلقٌ يشمل الصحراء والبُنيان؛ لأنَّه إِذا أفاد الحديث أنَّ البصقَ تجاه القِبلة لا يجوز مُطلقاً؛ فالبول والغائط مستقبلاً لها لا يجوز بالأولى" (٤).


(١) أي: مروان الأصفر.
(٢) أخرجه أبو داود: ١١، "صحيح سنن أبي داود" (٨)، وغيره، وانظر "الإِرواء" (٦١).
(٣) أخرجه أبو داود، وغيره، وِإسناده صحيح؛ وانظر "الصحيحة" (٢٢٢).
(٤) كذا قاله لي بمعناه شيخُنا الألباني -حفظه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>