للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنها ذِهن من يسمعها، فإِذا راجع الإِنصاف، ووقف حيث أوقفه الحقّ، عَلِم أنّ هذا هو الحقّ، وبيانه أنّ الزكاة هي أحد أركان الإِسلام، ودعائمه وقوائمه، ولا خلاف أنّه لا يجب شيء من الأربعة الأركان؛ التي الزكاة خامستها على غير مكلّف، فإِيجاب الزكاة عليه، إِنْ كان بدليل فما هو؟ فما جاء عن الشارع في هذا شيء ممّا تقوم به الحُجّة.

كما يُروَى عن النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بالاتّجار في أموال الأيتام؛ لئلاّ تأكلها الزكاة، فلم يصحّ ذلك في شيء مرفوعاً إِلى النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١)، فليس ممّا تقوم به الحُجّة.

وأمّا ما رُوي عن بعض الصحابة فلا حُجّة فيه أيضاً، وقد عُورِض بمِثله.

وإِنْ قال قائل: إِنّ الخطاب في الزكاة عامّ كقوله: {خُذْ مِن أموالهم} (٢) ونحوه، فذلك ممنوع.

وليس الخطاب في ذلك إِلا لمن يصلُح له الخطاب، وهم المكلّفون، وأيضاً بقيّة الأركان، بل وسائر التكاليف التي وقع الاتفاق على عدم وجوبها على من ليس بمُكلّف، الخطابات بها عامّة للناس، والصبيّ مِن جُمْلة الناس.

فلو كان عموم الخطاب في الزكاة مسوغاً لإِيجابها على غير المكلّفين؛ لكان العموم في غيرها كذلك، وأنّه باطل بالإِجماع، وما استلزم الباطل باطل، مع أنّ تمام الآية -أعني قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} - يدلّ على عدم وجوبها على الصبيّ، وهو قوله: {تُطهّرهم وتزكّيهم بها} فإِنّه لا


(١) انظر "الإِرواء" (٧٨٨).
(٢) التوبة: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>