للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن حزم -رحمه الله- في "المحلّى" (٥/ ٣٤٩): "فهذه صدقةٌ مفروضة غير محدودة؛ لكن ما طابت به أنفسهم، وتكون كفّارة لما يشوب البيع مما لا يصحّ؛ من لغو وحَلِف".

وربما احتجّ بعض العلماء بقول ابن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "ليس في العروض زكاة؛ إِلا ما كان للتجارة" (١).

قال شيخنا -رحمه الله- في "تمام المِنَّة" (ص ٣٦٤) بعد أن ذَكر ما ذكرْته في بداية المبحث من عدم ورود دليل على زكاة العروض من الكتاب والسّنّة، ومنافاة ذلك البراءة الأصلية مُدعماً بالحديث المتقدّم: "فإِنّ دماءَكم وأموالكم ... " قال -رحمه الله-:

"ومِثل هذه القاعدة ليس من السهل نقضها، أو على الأقلّ تخصيصها ببعض الآثار ولو صحّت" وذكَر هذا الأثر".

ثم قال -رحمه الله-: "ومع كونه موقوفاً غير مرفوع إلى النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فإِنّه ليس فيه بيان نصاب زكاتها ولا ما يجب إِخراجه منها، فيُمكِن حمْله على زكاة مطلقة، غير مقيّدة بزمن أو كمّية، وإنما بما تطيب به نفس صاحبها، فيدخل حينئذ في عموم النصوص الآمرة بالإِنفاق، كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أنفِقوا ممّا رزقناكم ... }، وقوله -جلّ وعلا-: {وآتوا حقّه يوم حَصاده}، وكقول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلاَّ ملكان يَنزِلان، فيقول أحدهما: اللهمّ أَعْطِ مُنفِقاً خَلَفَاً، ويقول الآخر: اللهمّ أعط


(١) أخرجه الإِمام الشافعي في "الأمّ" بسند صحيح، وانظر "تمام المِنّة" (ص ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>