له ألبتة أن يُعطيَ من غيرها، ولوجَب منْعه من ذلك، كما يُمنع من له شريك في شيء من كل ذلك؛ أن يُعطيَ شريكه من غير العين التي هم فيها شركاء إِلا بتراضيهما، وعلى حكم البيع.
وأيضاً -فلو كانت الزكاة في عين المال؛ لكانت لا تخلو من أحد وجهين لا ثالث لهما-: إِمّا أن تكون في كل جزء من أجزاء ذلك المال، أو تكون في شيء منه بغير عينه.
فلو كانت في كل جزء منه؛ لحرُم عليه أن يبيع منه رأساً أو حبّة فما فوقها؛ لأنّ لأهل الصدقات في ذلك الجزء شريكاً، ولحرُم عليه أن يأكل منها شيئاً لِما ذكَرنا، وهذا باطل بلا خلاف ... وإنْ كانت الزكاة في شيء منه بغير عينه؛ فهذا باطل، وكان يلزم أيضاً: مثل ذلك سواء سواء؛ لأنّه كان لا يدري لعله يبيع أو يأكل الذي هو حق أهل الصدقة، فصحّ ما قُلنا يقيناً -وبالله تعالى التوفيق-" (١).
قال شيخ الإِسلام -رحمه الله- في "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ٤٦): "ومعلوم أنّ مصلحة وجوب العين؛ قد يعارضها أحياناً في القيمة من المصلحة الراجحة، وفي العين من المشقة المنفية شرعاً".
وقد رجّح شيخ الإِسلام جواز ذلك في بعض الصور للحاجة أو المصلحة الراجحة كما في "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ٧٩).
وقال (ص٨٢): "والأظهر في هذا: أنّ إِخراج القيمة لغير حاجة، ولا
(١) انظر "المُحلّى" (٥/ ٣٩٠) وذكَره الشيخ السيد سابق -رحمه الله- في "فقه السنة" (١/ ٣٧٨).