للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: وهو الأسير؛ فلم يكن لدى المسلمين أسرى إلاَّ من الكفّار، وإنْ كانت السورة مكية؛ إِلا أن العِبرة بعموم اللفظ كما هو معلوم.

وقد نقَل ابن كثير عن ابن عبّاس: أنها في الفُرْس من المشركين وساق قصّة أُسَارَى بدر.

واختار ابن جرير أنّ الأَسْرى هم الخَدم، والذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنّ الأُسَارى هنا على معناها الحقيقي، لأنّ الخدم لا يخرجون عن القسمين المتقدمين: اليتيم والمسكين، وهؤلاء الأُسَارى بعد وقوعهم في الأسر، لم يبق لهم حَوْل ولا طَوْل، فلم يَبق إِلا الإِحسان إِليهم.

وهذا من محاسن الإِسلام وسمو تعاليمه، وإنّ العالم كله اليوم؛ لفي حاجة إِلى معرفة هذه التعاليم السّماويّة السّامية حتى مع أعدائه، وقد قال تعالى: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يُخرِجوكم مِن دياركم أن تبرُّوهم وتُقسطوا إِليهم} (١)، وهؤلاء بعد الأسْر ليسوا مقاتلين".

وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: "قَدمت عليّ أمّي، وهي مشركة في عهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاستفتيتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قلت: إِنَّ أمّي قَدِمت وهي راغبة، أفأصِل أمّي؟ قال: نعم، صِلِي أمّك" (٢).

وفي الحديت: "تصدّقوا على أهل الأديان" (٣).


(١) الممتحنة: ٨.
(٢) أخرجه البخاري: ٢٦٧٠، ومسلم: ١٠٠٣.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وغيره، وهو ثابت بمجموع طرقه وشواهده، وانظر "الصحيحة" (٢٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>