إيماني كإيمان جبريل، والله ما أستجيز أن أقول: إيماني كإيمان يحيى بن يحيى ولا كإيمان أحمد بن حنبل.
وقال محمد بن يحيى: ما رأيت برًا أنفق من برّ أحمد بن حنبل، كنت أسمع منه بالغداة وأملي بالعشي.
وقال أحمد: لما قدمت صنعاء اليمن أنا ويحيى بن معين في وقت صلاة العصر، فسألنا عن منزل عبد الرزاق، فقيل: إنه بقرية يقال لها: الرَّمادة. فمضيت لشهوتي للقائه، وتخلف يحيى بن معين، وبينها وبين صنعاء قريب، حتى إذا سألت عن منزله قيل: هذا منزله. فلما ذهبت أدق الباب قال لي بقَّال تجاه بابه: لا تدق فإن الشيخ مَهُوب. فجلست، حتى إذا كان قبل صلاة المغرب خرج للصلاة، فوثبت إليه، وفي يدي أحاديث قد انتقيتها، فقلت له: سلامٌ عليكم، تُحدثني بهذه - رحمك الله - فإني رجل غريب؟ فقال لي: من أنت؟ فقلت: أحمد ابن حنبل. قال: فتقاصر، ورجع، وضمَّني إليه، وقال: بالله أنت أبو عبد الله؟! ثم أخذ الأحاديث، فلم يزل يقرؤها حتى أشكل عليه الظلام، فقال للبقال: هلمَّ المصباح. حتى خرج وقت المغرب، وكان يؤخِّرها.
وقال أبو العباس الخطاب: كتبت رِقاعًا والناس متوافرون يومئذٍ، أسود بن سالم، وبشر بن الحارث، وأحمد بن حنبل، وذكر جماعة. وكتبت اسم كل رجل في ورقة، وصليت ركعتين، ودعوت الله تعالى أن يُخرج لي رجلًا أقتدي به، وخلطت الرِّقاع، وجعلتها تحت شيء، ثم ضربت بيدي، فخرج أحمد بن حنبل، فجعلت أتعجب، ثم فعلت الثانية، والثالثة، كذلك.
قلت: هذه القصة في جوازها نظر، إذ هي إلى الطِّيَرَةِ أو المَيْسِرِ أقرب، وإنما ذكرتُها للتنبيه عليها.