للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مسجد القدم، خارج دمشق، وكان يقرئ الأطفال ثم انقطع، ويصلي الجمعة بالجامع الأموي، ويقرأ عليه بعد الصلاة في الشرح، وثار بينه وبين الشافعية فتنٌ كثيرةٌ، وشر بسبب الاعتقاد، وكان زاهدًا عابدًا، قانتًا خيِّرًا، لا يقبل لأحد شيئًا، ولا يأكل إلا من كسب يده. توفي ثاني عشر جمادى الآخرة، سنة سبعٍ وثلاثين وثمان مئة، وكانت جنازته حافلةً. انتهى.

وذكره ابن طولون في "الفهرست الأوسط" وقال: لما قدم ابن حَجَر دمشق، سنة ستًّ وثلاثين وثمان مئة مع الملك الأشرف، أوقفه ابن زَكْنُون على كتابه، فإذا هو يتبع الحديث ببعض كلام على متنه وسنده، ثم يستطرد إلى أشياء حسب ما تيسَّر له، فأشار عليه بالاقتصار على ما في المسند، فامتثل ذلك وجرَّده ثانيًا، ولما أدركته الوفاة أوقفهما على الحنابلة، وجعل مقرهما في مدرسة أبي عمر بالصَّالحية، وهو إلى الآن موجودٌ عندهم مفرقًا. انتهى.

وله مصنَّفاتٌ منها "الكواكب الدَّرَاري في ترتيب المسند على أبواب البخاري"، وهذا الكتاب رتب فيه مسند أحمد، ثم شرحه، وهو من أعاجيب الدنيا، وأعاجيب الكتب، وقد وصفه السَّخاوي في "الضَّوء" (١)، فقال: هذا الكتاب رتَّب فيه "المسند" وشرحه في مئة وعشرين مجلدًا، طريقته فيه أنه إذا جاء حديثُ الإفك مثلًا، يأخذ نسخة من شرحه للقاضي عياض، فيضعها بتمامها، وإذا مرَّت به مسألةٌ فيها تصنيف مفرد لابن القيِّم، أو شيخه ابن تيميَّة أو غيرهما، وضعه بتمامه، ويستوفي ذلك الباب من "المغني" لابن قدامة ونحوه.

وقال البدراني في "المدخل" (٢): قد رأيت من هذا الكتاب أربعةً وأربعين مجلدًا، فرأيت مجلداته مفتتحة بتفسير القرآن، فإذا جاءت آية فيها الإشارة إلى مؤلَّف، وضعه بتمامه، وتارةً مفتتحة بترتيب المسند، فيكون على نمط ما ذكره السَّخَاوي، حتى إن فيه "شرح البخاري" لابن رجب الذي وصل فيه إلى صلاة العيدين، وغالب مصنفات شيخ الإسلام ابن تيميَّة نسخت من هذا الكتاب


(١) الضوء اللامع: ٥/ ٢١٤.
(٢) المدخل: ٤٧٣.