مولده ببَعْلَبَكَّ، واشتهر بابن فقيه فِصَّه، وهي قَرْيةٌ ببَعْلَبَكَّ من جهة دِمَشْق، كان أحد أجداده يخطُبُ بها في كُلِّ جمعةٍ، وأجداده كُلُّهُم حنابلة. قال رحمه الله في "ثبته" الذي جَمَعَهُ وتَعِب عليه، وسَمَّاه "رياض الجَنَّة في آثار أهْل السُّنَّة": وَجَدْتُ بخطِّ والدي أنِّي وُلِدْتُ ليلةَ السَّبْت ثامن عشر ربيع الأوَّل، سنةَ خمسٍ وألف، وحَفِظْتُ القرآن على والدي، وتَوَلَّى قراءتي بنَفْسه، وتيتَّمت بَعْد ذلك، فشرعْتُ في الاشتغال في طَلب العِلْم، فأخذتُ الفِقْه عن القاضي مَحْمود بن عبد الحميد، سِبْط موسى الحَجَّاوي، وعن الشِّهاب أحمد الوَفَائي المفلحيِّ، ورحلتُ إلى مِصْر سَنةَ تسعٍ وعشرين وألف، فأخذتُ الفِقْه عن الشَّيخ منصُور البُهُوتي، والشَّيخ مَرْعي الكرَميِّ، والشَّيخ عَبْدِ القادر الدنوشري، والشَّيخ يُوسُف الفُتُوحي، وأخذتُ القراءات عن الشَّيخ عَبد الرَّحمن اليمنيِّ، والحديثَ عن الشَّيخ إبراهيم اللقاني، وأحمد المَقَّرِيِّ المَغْربيِّ المَالكيِّ، والفرائض عن الشَّيخ محمد الشمرسي، وعن الإمام زَيْن العَابِدين بن أبي دُرِّي المَالِكِي، وحَضَرْتُ في باقي العُلُوم على كثيرٍ من مشايخ الجامع الأزْهَر، ثم عُدْتُ إلى دِمَشق سنةَ اثنتين وثلاثين وألف بإجَازات الأشْياخ بالفُنُون المزبورة وغيرها، وبالإفتاء والتَّدْريس، فدرَّسْتُ في جامع بني أُمَيَّة وقرأتُ بعد ذلك في الشَّام على شيخ الإسْلَام الشَّيخ عمر القاري في النَّحْو والبَيَان والمَعَاني، والحَدِيث والأصول، وكَتَبَ لي إجازةً، وحَجَجْتُ سنة ستٍّ وثلاثين وألف، فأخَذتُ عن جماعةٍ من أهل مَكَّة، من أجَلِّهم مَوْلانا الشَّيخ محمد بن علان الصدِّيقيِّ، وأجازَني، وأخذتُ عن أهل الحَرَم المَدَنيّ عن جَمَاعةٍ من أجَلِّهم الشَّيخ عَبْد الرحمن الخياري، فلقد أجازني ولله الحَمْد أهْلُ مَكَّة والمدينة، ومِصْر والشَّام، وبَيْت المَقْدِس، وأعلى أسانيدي في جميعِ مَرْوِيَّات الحَافِظ ابن حَجَر، وفي جميع كُتُبِ الحَدِيث عن الشَّيخ حِجَازي الوَاعِظ عن ابن أركاش عن الحافِظ العَسْقَلَاني انتهى. وحَضَر صَاحِبُ التَّرجمة دُرُوس الحَدِيْث تَحْتَ قُبَّة النَّسِر من الجَامِع الأمويِّ عند الشَّمْس المَيْداني، ثم دُرَوْس الحَافظ شَيْخ الإسْلام النَّجم الغَزِّيِّ، ودُرُوس التَّفْسير عن الشَّيخ عَبْد الرَّحمن العِمَادي المُفْتي، وأجاز لَهُ مِن مِصْر غَيْرُ مَنْ تَقَدَّم ذَكرهُمْ، وكُلُّهُم قد كَتَبُوا له إجازات، وعَنْوَنُوهُ فيها بالشيخ الإمام العَلَّامة، النِّحْرير الفَهَّامَة، إلى غير ذلك من الأَوْصَاف، وقد تَصَدَّر للإِقْراءِ