للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليها. وله من التَّآليفِ: "رسالةٌ تتعلَّق بقوله تعالى: {مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} "، ورسالة في قوله تعالى: {فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا}، و"رسالةٌ في {تَعْمَلُونَ} " في جَميعِ القرآن بالخِطابِ والغِيبَة، و"رسالةٌ في قواعدِ القِراءَة من طريق الطَّيبةَ"، وله بعضُ كتابةٍ على "صَحيح البُخاري" بنَى بها على كتابَةٍ لوالدِهِ عليه، لم تَكمُل، وغيرُ ذلك من التَّحريراتِ المُفيدةِ. وكانَ يُستقى به الغَيث حتَّى استُقِيَ به في سَنةِ ثمانٍ ومئة وألفٍ، فكانَ النَّاسُ قد قَحِطُوا من المَطَر، فصامُوا ثلاثةَ أيَّامِ، وخرجُوا في اليومِ الرَّابعِ إلى المُصَلَّى صيامًا، فتقدَّمَ المُترجَم، وصَلَّى بالنَّاس إمامًا بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ، ثُم نُصِبَ له كُرسيٌّ في وَسَطِ المُصلَّى فَرَقى عليه وخَطَبَ خُطبةَ الاسْتِسقاءِ، وشرعَ في الدُّعاءِ، وارتفعَ الضَّجيجُ والابتهالُ إلى الله تعالى، وكَثُر البكاءُ من الخَلقِ، وكانَ الفلَّاحُونَ قد أَحضرُوا جانبًا كبيرًا من البَقَر والغَنم والمَعز، وأمسكَ المُترجَمُ بلحيَتهِ وبكَى، وقال: إلهي لا تفضَح هذهِ الشَّيبة بينَ عِبادِك، فما نزلَ حتَّى خرجَ من جهةِ المَغربِ سَحابٌ أسود، بعد أن كانت الشَّمسُ نقيَّةً من أوَّل الشِّتاءِ لم يُرَ في السَّماءِ غَيمٌ، ولم يَنزِلْ إلى الأرضِ قَطْرةُ ماء، ثم تفرَّق النَّاسُ فرجَعُوا، فلمَّا أذَّن المَغرِب تلك اللَّيلَة انفتَحَتْ السَّماءُ بماءٍ مُنهَمِرٍ، ودامَ المطرُ ثلاثةَ أيَّام بليالِيها، غزيرًا كثيرًا، وفرَّجَ اللهُ بذلك الكُربةَ عن عِبادِهِ.

وله كراماتٌ كَثيرةٌ، وصَدقاتٌ على طَلبةِ العِلم وأهلِ الصَّلاح، وكَسْبُه من الحَلالِ الصِّرْفِ في التَّجارَة والعُقود الصَّحيحة، وأُصيبَ بولَدِهِ عبدِ الجَليل المُتقدِّم فصبرَ واحتسَب، ثم بولَدِهِ الشيخ مُصطفى، وكان شابًّا فصَبر واحتَسَبَ كذلك، ولم يزلْ على حالتِهِ الحُسنى، وطَريقَتهِ المُثلَى إلى أن اختارَ الله له الدَّارَ الباقِيَة، وكانَتْ وفاتُه عصرَ يومِ الأربعاء، التَّاسع والعِشرين من شوَّال، سَنةَ ستٍّ وعشرين ومئة وألف. ودُفنَ بتُربَة مرج الدَّحداح. انتهى.

قلتُ: ما ذكَرهُ من نُزولِ المطَر بعدَ الاستغاثَة المذكُورَةِ، ليس فيه دليلٌ على أنَّ المطرَ نزلَ بسببِ دُعائه، فضلًا عن جوازِ الاستسقاء به فإنَّه يجوزُ أن يكونَ نزولُ المطِرِ بسَببِ قَبُولِ دَعوةِ غَيرهِ، أو رَحمةِ البهائِم، أو غيرِ ذلك. والاستسقاءُ به أو بغَيرِهِ لا يجُوز البتَّة، إلّا إذا كانَ الاستِسقاءُ بمعَنَى طلَبِ