للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكرَهُ العلَّامة المؤرخ ابن غَنَّام الأَحْسائي في "تاريخه" وقال: وُلِدَ سنةَ خمس عشرة بعد المئة وألف في بلد العُيَيْنَةِ من البلدان النَّجدِيَّة، فأنبتَهُ اللهُ نباتًا حسنًا، وجلى به عن طَرْف الدَّهر وَسَنًا، وبقي بعدَ سِن الطُّفولة زمنًا، يتعلَّمُ في تلك القرآنَ، معتزلًا في غالب الأوقاتِ لعبَ الصِّبيانِ، ولهوَ الجُهَّال والغِلْمان، حتى حَفِظ القرآنَ عن ظهر قَلْبِهِ قبل بُلوغ العشر، وكان حادَّ الفهم سِريعًا وقَّاد الذِّهن ذكيًا، سريعَ الحفظِ، فصيحَ اللَّفظِ، ألمعي الفِطْنَةِ، اشتغَلَ في العلم على أبيه، وجدَّ في الطَّلب، وأَدْرَك بعضَ الأَرَب، وهو في بلد العُيَيْنَة في تلك الحال، قبلَ رِحْلته لطلبِ العِلمِ والارتِحال، وتَطْوافِهِ له في كثيرٍ من البلاد، حتى نالَ منه المرادَ، وفازَ بالسعدِ والإسعاد، وحازَ الرُّشدَ والإرشاد، وكان والده قد توسَّم ذلك فيه، ويُحدِّث بذلك ويُبْدِيه، ويؤمِّلُه منه ويَرْجُوه، كما حدَّث به سُليمانُ أخوه، قال: كان عبد الوهَّاب أبوه يتعجَّبُ من فهمه وإدراكه قبل بُلُوغِهِ وإدرَاكِهِ، ومناهَزَتِهِ الاحتلامَ وإفراكه، ويقول أيضًا: لقد استفدتُ من وَلَدي محمد فوائدَ من الأحكام، أو قريبًا من هذا الكلام، وقد كتبَ والِدُه إلى بعض إخوانِهِ رسالةً نوَّه فيها بشأنه، يُثْني فيها عليه، وأن له فهمًا جيدًا أو لديه، ولو يلازمُ الدَّرسَ سنة على الولايةِ، لظَهَر في الحِفْظِ والإتقان آية، وقد تحقَّقت أنه بلغَ الاحتلام قبل إكمال اثنتي عشرة سنة على الإتمام، ورأيته أهلًا للصلاة بالجماعة والإئتمام، فقدَّمتُهُ لمعرفتهِ بالأحكام، وزوَّجْتُه بعد البلوغ في ذلك العام، ثم طلب مني الحجَّ إلى بيتِ اللهِ الحرام، فأجبته في الإسعاف لذلك المَرام، فَحجَّ وقضى رُكنَ الإسلام، وأدى المناسكَ على التمام، ثم قصدَ مدينَتَه عليه الصَّلاة والسلام، وأقامَ فيها شهرين، ثم رَجَع بعد ذلك فائزًا بأجر الزِّيارة والمناسك، وأخذ في القراءة على والِدِهِ في الفقه على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل، ورُزِقَ مع الخط سرعةَ الكتابةِ، فكان يحيَّر أصحابه بحيث إنه يخطُّ بالخطِّ الفصيحِ في المجلس الواحد كُراسًا من غير تعب ولا نَصَب ولا التباسٍ، ثم بعد ذلك رَحل في العِلم، وسار وجدَّ في الطَّلب إلى ما يَليهِ من الأمصار، وما يُحاذِيه من الأقطار، فزاحمَ فيه العلماءَ الكبار، وأشرق طالِعُه، واستنارَ وصار لِهِلالِهِ أقمار، فوطئَ الحجازَ والبصرةَ لذلك مرارًا، والأَحْساء لتلك الأوطار، وأخذ العلمَ عن جماعةٍ، منهم الشيخُ عبد الله بن إبراهيم النَّجدي ثم المَدِيْني، وأجازه من طريقين أوَّل حَدِيثٍ سمِعَهُ منه الحديث المشهور