ابن مسعود "ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي" فقلت: إنما يوقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن. فقال بعضهم: حديث خباب "يا هنتاه، تقرب إلى الله ما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه" فقلت: هذا كذا هو فجعل ابن أبي دؤاد ينظر إليّ كالمغضب، وكان يتكلم هذا فأرد عليه، ويتكلم هذا فأرد عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد، فيقول: يا أمير المؤمنين، هو والله ضال مضل مبتدع. فيقول المعتصم: كلموه، ناظروه. فيكلمني هذا فأرد عليه، فإذا انقطعوا يقول المعتصم: ويحك يا أحمد، ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله. فقال ابن أبي دؤاد: وأنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنّة رسول الله؟ فقلت له: تأولت تأويلًا فأنت أعلم، وما تأولت أتحبس عليه وتقيد؟ فأقبل ابن أبي دؤاد يكلمني، فلم ألتفت إليه، فقال المعتصم: ألا تكلم أبا عبد الله؟ فقلت: لست أعرفه من أهل العلم فأكلمه.
وكان ابن أبي دؤاد يقول للمعتصم: والله يا أمير المؤمنين لئن أجابك أحب إليّ من مئة ألف دينار ومئة ألف دينار. فيعذ من ذلك ما شاء الله، فيقول المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقن عنه بيدي، ولأركبن إليه بجندي، ولأطأن عقبه. ثم قال: يا أحمد، والله إني عليك لشفيق، وإني أشفق عليك شفقتي على هارون ابني، ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنّة رسول الله. فلما طال المجلس ضجر وقال: قوموا. وحبسني، وعبد الرحمن بن إسحاق يكلمني قال: ويحك، أجبني. وقال: أما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟ فقال له عبد الرحمن بن إسحاق: يا أمير المؤمنين، أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والجهاد والحج معكم. فقال: والله إنه لعالم، وإنه لفقيه، وما يسؤني أن يكون مثله معي يرد عني أهل الملل.
ثم قال لي بالبيت: تعرف صالحًا الرشيدي؟ قلت: قد سمعت باسمه. قال: كان مؤدبي، وكان في ذلك الموضع جالسًا، وأشار إلى ناحية من الدار، فسألته عن القرآن، فخالفني، فأمرت به فوطئ وسحب. ثم قال لي: يا أحمد، أجبني إلى شيء