سلالةُ الأماثِل، شيخُ مشايخنا الأمجاد، وملحق الأحفاد بالأجداد، ولد سنة أربع أو خمس أو ست وسبعين ومئتين وألف، فلما ترعرع وبلغ سِنَّ التمييز أدخله والدُه المكتبَ فقرأ القرآن حتَّى ختمه، ثم حفظه عن ظهر قلبه، ثم شرع في حفظِ بعضِ المختصراتِ في الحديثِ، والفِقْه، والتَّوْحِيد، ولازم والِدَهُ، وأقبل على التعلم حتى برع، ثم سافر بعدَ وفاةِ والِدِهِ إلى هندستان لطلب الحديث في رجب سنة تسع وثلاث مئة وألف، وجَدْتُ ذلكَ بخطَّه على بعض كتُبِهِ. وقال أيضًا: في قدومي بلد بمبي حضرت مجالس تحتوي على الأدب والغزل، وشيء من فنون اللُّغة وأنا إذ ذاكَ متوجِّهٌ إلى لقاءِ علماءِ الحديث الأفاضِل، ومشتاقٌ إلى مجالسة الفُحول الأماثِل، ثم أورد له أبياتًا بهذا المعنى على رَوِيِّ الباء عددها ثلاث عشرة بيتًا ثم قال: ثم مَنَّ اللهُ بملاقاتِهم فأوَّلُهم السَّيِّدُ نذير حسين المقيم ببلدة دهلي، قرأت عليه "شرح نخبة الفكر" بالتأمُّلِ والتَّأَنِّي، ثم شرعت في قراءةِ "الصحيحين"، وقرأتُ أطرافًا من "الكتب الستة"، و"المشكاة" وغيرها، وحَصَل لي منه السَّماعُ، والإجازةُ، والقراءةُ، قال الشيخُ سليمانُ المذكور: كانتْ إجازتُه في شهر رجب سنة تسع وثلاث مئة وألف، قال فيها: قرأ عليَّ من "الصحاح الستة"، و"موطأ مالك"، و"بلوغ المرام"، و"مشكاة المصابيح"، و"تفسير الجلالين"، و"شرح نخبة الفِكَر" فعليه أن يشتغلَ بإقراء هذه الكتب وتدريسها لأنَّه أهلُها وأحق بالشروط المعتبرة، وعليها ختم المجيز، وكانت مُدَّةُ إقامته عند السيد نذير حسين تسعةَ أشهر، وفي أثنائِها وَرَدَ على الشيخِ سؤالٌ عن الوليمة من جانب الأب هل تُسنُّ أو تباح أو تكره؟ قال المُتَرْجَم: فسألني عن ذلك فأجبتُ بأنَّ الأَوْلَى أنْ تكونَ من جانبِ الزَّوْج للحديث المعروف، واتفق أنَّ الشيخَ حسين بنَ محسنٍ الأنصاري قدِمَ تلكَ الأيَّام إلى دهلي فسألَهُ هل لإباحتها من جهة الأب مستندٌ؟ قال: فأجابني بجواب شافٍ من جملته حديثٌ رواهُ الحافظ الآجُرِّيُّ في إنكاح النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمةَ بعليِّ أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمرَ بلالًا بقصعة من أربعة أمداد أو خمسة وبذبح جزور لوليمتها فأتيته بذلك فطعن في رأسها، ثم أدخل الناسَ رفقةً رفقةً يأكلونَ منها حتى فرغوا، وبقيت فيها فضلةٌ، فبرك فيها وأمر بحملها إلى أزواجه، وقال: كُلْنَ وأطعِمْنَ مَنْ شئتنَّ. انتهى.