للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهَّابي، يظهر أن ما يشاع عنكم يا أهل نجد مُبالَغٌ فيه من خُصومِكُم السِّياسيينَ، بسببِ الحروبِ التي وَقعتْ بينكُم وبين أشراف مكة، والمصريين والأتراك، فقد أشاعُوا عنكم أقوالًا منكرةَ، فسأله الشيخُ أحمد أن يبينها له، فقال الشيخ التَّلمساني: يقولون: إنكم لا تُصلُّون على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا تُحِبُّونَه، فأجاب المترجَم: سبحانك هذا بهتانٌ عظيم، كيف ومَن لم يُصلَّ عليه في التَّشهدِ في الصَّلاة، فصلاتُه باطلةٌ، ومن لا يحبُّه فكافر، وإنما نحنُ أهل نَجْدٍ نُنكر الاستغاثةَ والاستعانةَ بالأموات، ولا نستغيث إلا بالله وحده، ولا نستعينُ إلا به سُبحانَهُ، كما كان على ذلك سلفُ الأُمَّةِ، وقد استمر النِّقاشُ بينه وبين الشيخ التلمساني ثلاثة أيام، وأخيرًا هدى الله الشيخ التَّلمساني للحقِ، وصار موحِّدًا، ظاهرًا وباطنًا، ثم سأله الشيخُ التَّلمسانيُّ أن يوضح له بعضَ أوجهِ الخِلافِ بينهم وبين خُصومهم، فقال: إنا نعتقدُ أن الله فوقَ سماواته، مُستوٍ على عرشه استواءًا يَليقُ بجلالِهِ، من غير تشبيهٍ ولا تجسيمٍ ولا تأويلٍ، وهكذا في جميع آيات الصِّفات، والأحاديث، كما هي عقيدةُ السَّلفِ الصَّالحِ، وكما جاء عن أبي الحسن الأَشعَري في كتابيه "الإبانة في أصول الدِّيانة"، و"مقالات الإسلاميين، واختلاف المُصلِّين"، وقد دامت المناظرةُ بينهما خمسة عشر يومًا لأن الشيخَ التَّلمساني كان أشعريًا، درس في الجامع الأزهر كتب "العقائد السَّنُوسيَّة"، و"أم البراهين"، و"شرح الجوهرة"، وغيرها، وقد انتهت هذه المناقشات الطويلة بإقناع الشيخ التَّلمساني بأن عقيدةَ السَّلف هي الأسلمُ والأحكمُ، والأعلمُ، ثم صارَ الشيخُ التَّلمسانيُّ داعيًا من دُعاة العقيدةِ السَّلفيَّةِ، وطبعَ على نفقتِهِ كُتبًا كثيرةً، كان يوزَّعُها بالمجَّان، مثل "الصَّارم المُنْكِي في الرَّد على السُّبكي" لابن عبد الهادي، و"القصيدة النونية" لابن القيِّم الجوزية، و"الاستعاذة من الشَّيطان الرجيم" لابن مُفْلح، و"المؤمل في الرُّجوع إلى الأمر الأول" لأبي شامة المؤرِّخ الدِّمشقي، و"الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشَّيطان" لابن تيمية، و"الرد الوافر"، و"غاية الأماني في الرَّد على شواهد النبهاني" للسيِّد محمود شكري الألُوسي البغدادي، وشاركته في نفقات الطَّبع، واشترى نُسخًا من "تفسير ابن جرير الطبري"، ووزعها على بعض النَّاس، وكان لسانُه لسانَ ابن حَزْمٍ بخشُونةٍ، لا يَصبِرُ عليها أحد، وإذا كان الشيخُ التَّلمساني قد هَدَاهُ اللهُ على يدِ الشيخ