للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حفظَ بيتِ المال للأمير عائض، وكان رجلًا صالحًا، على جانبٍ عظيمٍ من الصَّلاح والعِفَّة، فكان يواسي الفقراءَ، ويصرفه في مصاريفه الشرعية، فسعى به بعضُ المفسدين عند الأمير وقال: إنَّهُ قد أفسد بيتَ المال فاستدعاه الأمير عائض بن مرعي وقال: ما حملك على إنفاق مال بيت المال؟ فقال: هذا مالُ الله أنفقْتُه في أهله ومستحقيه، فلم يتعرضه بشيء، ثم إنَّ والدَهُ رَغْبةً في الاجتماع بأئمَّة هذه الدَّعوة انتقل إلى بلد الرِّياض، وكان عمر الشيخ إذْ ذاكَ عشر سنين، فقرأ على الشيخ عبدِ الرَّحمن بن حسن وابنِهِ الشيخ عبد اللطيف، ولما نَشأ عليه من الأمانة، والثقةِ اختارَهُ الإمامُ عبدُ الله الفيصلُ آل سعود كاتبًا خاصًّا له، وإذا جاءَ بَعْثُ العمالِ للزَّكاة بَعَثَهُ مصدقًا، ثم لما وقعَ الاختلافُ بينَ الإمام عبدِ الله بنِ فيصل وأخيه سعود في طلب الإمارة، وكثر القالُ والقيلُ، وعَظُمَتِ الفتنةُ انتقلَ الشيخُ مع والده إلى الأفلاج، وصحبهما في سفرهما ذلك الشيخُ عبدُ الله بنُ عبد اللطيف، فقرأ على الشيخ الإمام العَلَّامةِ حمد بنِ عتيق، وكان قاضي الأفلاج في ذلك الوقت، وانتفعا به انتفاعًا تامًّا، ثم بعد أن سكنت الفتنةُ عادَ الشيخُ عبدُ الله إلى الرِّياض، وأمَّا شيخُنا سليمانُ فتوفي والده سحمانُ في الأفلاجِ، وبقي هو ملازمًا للشيخ حمد بنِ عتيق حتى استولى محمدٌ بنُ رشيد على نجد، وأخذ معه عبد الله بنَ فيصل إلى حائل، ونظرًا إلى تقدم المعرفةِ بينَ الإمامِ عبدِ الله آل فيصل وبينَ الشيخ سليمان المترجم، طلبَ عبدُ الله بنُ فيصل من الأمير محمدٍ بن رشيد أنْ يكونَ الشيخُ معه في حائل، فأمر عليه فتوجه وأقام بها مدَّةً، فانتفع به طلبةُ العلم من أهلها، ثم إنَّهُ لما طال عليه المقامُ طلبَ الإذنَ له بالعودة إلى الرِّياض، فأذن له فرجع وأقام مدَّةً في الرِّياض يتقوَّتُ من أجرة النسخِ للكتب العِلِميَّة، وقاسى من الحاجة شدةً، ولم يمنعه ذلك من الاشتغالِ بالعلم، ثم أخيرًا تصدَّى للتصنيف، وللرَّدِّ على أهل الإلحاد، ودحض أضاليلهم، وكان أكثرُ استمداده من مؤلفاتِ شيخ الإسلام ابنِ تيمية، وتلميذِهِ ابن القيِّم في مؤلفاته كلِّها، وكذلك مؤلفاتُ إمامِ هذه الدَّعوة الشيخ محمدِ بنِ عبد الوهَّابِ وأولاده، وأَحفاده مع ما فتح اللهُ عليه من العلومِ النَّافِعَة، ومطالعة كتب السُّنَّة، ومؤلفاتِ السَّلَّفِ، وكان شديد الحِرْصِ على التقاط الفوائدِ العِلْمِيَّة، وخَصَّصَ لها مؤلفًا سمَّاهُ: "الصواعق الشهابية"، وكتاب "الأسنَّة الحداد في الرَّدِّ على الحداد"،